الصفة من أثر الإرادة فلا فرق في أصل الصفة.
فإن قيل ما أنكرتموه منهم يلزمكم مثله في العبارة عن الأمر القائم بالنفس فقد يلفظ اللافظ بقوله افعل وهو يبغى حكاية وقد يلفظ وهو ينتحى تعبيرا عن الأمر القائم بالنفس فكيف يقع اللفظ عبارة عن الأمر وما يتردد بين جائزين لا يختص بأحدهما إلا بالإرادة فبم يصير اللفظ عبارة عن الأمر.
127- قلنا المسلك الحق عندنا في ذلك أنه لا بد من قصد إلى إيقاع اللفظ مشعرا بالأمر القائم بالنفس ولكن ليس لذلك اللفظ منه صفة وإنما يحصل الإشعار بقرائن الأحوال ولو هدى المعتزلة لذلك لما ارتكبوا في مذهبهم ما ارتكبوه في مذاهبهم.
وحاصل القول أن المراد الحقيقي هو الأحوال المقترنة باللفظ فإن كان في عين اللفظ مزيد من رفع صوت أو غيره فهو ملتحق بفن الأحوال.
مسألة في صيغة الأمر.
128- الصيغة هي العبارة المصوغة للمعنى القائم بالنفس وهذه المسألة مترجمة بأن الأمر هل له صيغة وهذه الترجمة إذا أطلقناها فالمراد بها أن الأمر القائم بالنفس هل صيغت له عبارة مشعرة به.
وإذا قال نفاة كلام النفس للأمر صيغة فنفس الصيغة عندهم هي الأمر فصيغة.
الأمر إذا أضيفت إلى الأمر لم تكن الإضافة حقيقية وهي في مذهب قول القائل نفس الشيء وذاته فإذا لاح ما نعني بالصيغة في كل مسلك فقد اختلفت الاراء في المقصود المعنوي من المسألة.
129- فالمنقول عن الشيخ أبي الحسن1 رضي الله عنه ومتبعيه من الواقفية أن العرب ما صاغت للأمر الحق القائم بالنفس عبارة فردة وقول القائل افعل متردد بين الأمر والنهي نظرا إلى مذهب الوعيد وإن فرض حمله على غير النهي فهو متردد بين رفع الحرج على مذهب قوله تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} , وبين الاقتضاء ثم هو في مسلك الاقتضاء متردد بين الندب والإيجاب فتبين من مجموع ما ذكرناه تردد اللفظ عند الواقفية بين هذه الجهات كلها.