مسألة لفظية :
162- ذهب القاضي أبو بكر رحمه الله في جماعة من الأصوليين إلى أن المندوب إليه مأمور به والندب أمر على الحقيقة وهب بعض الفقهاء إلى أن الأمر ما يقتضي الإيجاب.
قال القاضي المندوب إليه طاعة ولم يكن طاعة لكونه مرادا لله تعالى فإنا لا نمنع أن لا يريد الله تعالى طاعة زيد ويأمره بها ويريد عصيانه وينهاه عنه فلا يتلقى كون الشيء طاعة من الإرادة على مذهب أهل الحق فلم يبق إلا كونه مأمورا به.
وهذا الذي ذكره القاضي رحمه الله رام به مسلك القطع وليس الأمر على ماظنه فإنه يتجه أن يقال: المندوب إليه طاعة من حيث كان مقتضى ممن له الإقتضاء فمن أين يلزم أن كل اقتضاء أمر؟ وهذه المسألة ليس فيها فائدة وجدوى من طريق المعنى فإن الإقتضاء مسلم وتسميته أمرا يؤخذ من اللسان لا من مسالك العقول ولا يمكن جزم الدعوى على أهل اللغة في ذلك فقد يقول القائل ندبتك وما أمرتك وهو يعني ما جزمت عليك الأمر وقد يقول أمرتك استحبابا فالقول في ذلك قريب ومنتهاه آيل إلى اللفظ.
مسألة:.
163- ذهب بعض أئمتنا رحمهم الله إلى أن الأمر بالشيء نهى عن أضداد المأمور به وهؤلاء قدروا عين الأمر نهيا وزعموا أن اتصافه بكونه أمرا نهيا بمثابة اتصاف الكون الواحد بكونه قربا من شيء بعدا من غيره.
والذي مال إليه القاضي رحمه الله في آخر مصنفاته أن الأمر في عينه لا يكون نهيا ولكنه يتضمنه ويقتضيه وإن لم يكن عينه.
ثم الذي ذهب إليه جماهير الأصحاب أن النهي عن الشيء أمر بأحد أضداد المنهى عنه والأمر بالشيء نهى عن جميع أضداد المأمور به.
وأما المعتزلة فالأمر عندهم هو العبارة وقول القائل : افعل أصوات منظومة معلومة وليست هي علم نظم الأصوات في قول القائل لا تفعل فلا يمكنهم أن يقولوا الأمر هو النهي فقالوا الأمر بالشيء يقتضي النهي عن أضداده تضمنا كما ذهب إليه القاضي ولكن الأمر عند القاضي هو القائم بالنفس.