فَبَطل من كل وَجه مَذْهَب النظام بطلاناً، لَا خَفَاء بِهِ، فَهَذَا وَجه مغن فِي الْكَلَام عَلَيْهِ.
فَمَا وَجه الْكَلَام على من عداهُ من الْقَائِلين بالصلاح والإصلاح.
(276)
(مناقشة الْقَائِلين بالصلاح والإصلاح)
1585 - فَمن أصلهم قطع القَوْل بِأَنَّهُ لَا يجوز أَن يَقع التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ فِي الْمَعْلُوم مصلحَة لَا تجويزاً وَلَا تَحْقِيقا. وَإِن التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ قَبِيح لعَينه.
فَيُقَال، لم قُلْتُمْ ذَلِك، وَمَا دليلكم عَلَيْهِ؟
وَنحن الْآن نذْكر كل شُبْهَة لَهُم، ونستقصي الْجَواب إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
1586 - فمما تمسكوا بِهِ أَن قَالُوا: الأقيسة السمعية / الَّتِي / فِيهَا تنازعنا لَا تُفْضِي إِلَى الْعلم وَالْقطع أصلا. وَلَيْسَت كالأدلة الْعَقْلِيَّة فِي إفضائها إِلَى المدلولات، وَلَيْسَت كالنصوص الثَّابِتَة قطعا، فَإِذا كَانَت لَا تُؤدِّي إِلَى الْمَعْلُوم قطعا، بل يقارنها الْجَهْل وَعدم الْقطع وَالْعلم بالمقاصد. وَمَا يقارنه الْجَهْل فَهُوَ قَبِيح فِي عينه.
فَيُقَال لَهُم: بِمَ تنكرون على من يزْعم أَولا: أَن الأقيسة السمعية تتَعَلَّق بمقتضياتها قطعا. وَذَلِكَ أَنا نقُول: قد ثَبت بالأدلة القاطعة نصبها إمارات على الْأَحْكَام فَكَأَن الرب تَعَالَى خَاطب عباده صَرِيحًا، وَقَالَ لَهُم " مهما " حرمت عَلَيْكُم التَّفَاضُل فِي الْأَشْيَاء الْأَرْبَعَة الربوية، فاعلموا أَنكُمْ مخاطبون بِأَن تَطْلُبُوا لذَلِك عِلّة. هِيَ صفة من صِفَات الْأَعْيَان الْمَنْصُوص