بَعْضهَا وَهُوَ الْوَاحِد أَو الِاثْنَان فَفِي أَمر الطَّائِفَة بالتفقه وَالرُّجُوع إِلَى قَومهمْ للإنذار كي يحذروا تنصيص على أَن الْقبُول وَاجِب على السامعين من الطَّائِفَة وَأَنه يلْزمهُم الحذر بإنذار الطَّائِفَة وَذَلِكَ لَا يكون إِلَّا بِالْحجَّةِ وَلَا يُقَال الطَّائِفَة اسْم للْجَمَاعَة لِأَن الْمُتَقَدِّمين اخْتلفُوا فِي تَفْسِير الطَّائِفَة
قَالَ مُحَمَّد بن كَعْب هُوَ اسْم للْوَاحِد
وَقَالَ عَطاء اسْم للاثنين
وَقَالَ الزُّهْرِيّ لثَلَاثَة
وَقَالَ الْحسن لعشرة فَيكون هَذَا اتِّفَاقًا مِنْهُم أَن الِاسْم يحْتَمل أَن يتَنَاوَل كل وَاحِد من هَذِه الْأَعْدَاد وَلم يقل أحد بِالزِّيَادَةِ على الْعشْرَة وَمَعْلُوم أَن بِخَبَر الْعشْرَة لَا يَنْتَفِي توهم الْكَذِب وَلَا يخرج من أَن يكون مُحْتملا فَعرفنَا أَنه لَا يشْتَرط لوُجُوب الْعَمَل كَون الْمخبر بِحَيْثُ لَا يبْقى فِي خَبره تُهْمَة الْكَذِب
ثمَّ الْأَصَح مَا قَالَه مُحَمَّد بن كَعْب فقد قَالَ قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى {وليشهد عذابهما طَائِفَة} الْوَاحِد فَصَاعِدا وَقَالَ تَعَالَى {وَإِن طَائِفَتَانِ من الْمُؤمنِينَ اقْتَتَلُوا} نقل فِي سَبَب النُّزُول أَنَّهُمَا كَانَا رجلَيْنِ وَفِي سِيَاق الْآيَة مَا يدل عَلَيْهِ فَإِنَّهُ قَالَ تَعَالَى {فأصلحوا بَينهمَا} وَلم يقل بَينهم وَقَالَ {فأصلحوا بَين أخويكم} فقد سمي الرجلَيْن طائفتين
فَإِن قيل هَذَا بعيد فَإِن هَاء التَّأْنِيث لَا تلْحق بنعت الْوَاحِد من الذُّكُور
قُلْنَا هَذَا عِنْد ذكر الرجل فَأَما عِنْد ذكر النَّعْت يصلح للفرد من الذُّكُور وَالْإِنَاث فللعرب عَادَة فِي إِلْحَاق هَاء التَّأْنِيث بِهِ وَكتاب الله يشْهد بِهِ قَالَ تَعَالَى {وَإِن تدع مثقلة إِلَى حملهَا لَا يحمل مِنْهُ شَيْء} وَالْمرَاد الْوَاحِد لَا من الْإِنَاث خَاصَّة بِدَلِيل قَوْله تَعَالَى {وَلَو كَانَ ذَا قربى}
فَإِن قيل هَذَا خطاب لجَمِيع الطوائف بالإنذار وهم يبلغون حد التَّوَاتُر وَيكون خبرهم مستفيضا مشتهرا
قُلْنَا لَا كَذَلِك فالجمع الْمُضَاف إِلَى جمَاعَة يتَنَاوَل كل وَاحِد مِنْهُم كَقَوْل الْقَائِل لبس الْقَوْم ثِيَابهمْ وَفِي قَوْله تَعَالَى {إِذا رجعُوا إِلَيْهِم} مَا يدل على مَا قُلْنَا لِأَن الرُّجُوع إِنَّمَا يتَحَقَّق مِمَّن كَانَ خَارِجا من الْقَوْم ثمَّ صَار قادما عَلَيْهِم وإتيان جَمِيع الطوائف إِلَى كل قوم للإنذار لَا يكون رُجُوعا إِلَيْهِم مَعَ أَن هَذَا لَو كَانَ شرطا لبينه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُم وكلفهم أَن يفعلوه وَلَو فَعَلُوهُ