لَا يَنُوب عَن سُجُود الصَّلَاة فَلَا يَنُوب عَن سَجْدَة التِّلَاوَة بطرِيق الأولى لِأَن الْقرب بَين رُكُوع الصَّلَاة وسجودها أظهر من حَيْثُ إِن كل وَاحِد مِنْهُمَا مُوجب التَّحْرِيمَة وَلَو تَلا خَارج الصَّلَاة فَرَكَعَ لَهَا لم يجز عَن السَّجْدَة فَفِي الصَّلَاة أولى لِأَن الرُّكُوع هُنَا مُسْتَحقّ لجِهَة أُخْرَى وَهُنَاكَ لَا وَفِي الْقيَاس قَالَ الرُّكُوع وَالسُّجُود يتشابهان قَالَ تَعَالَى {وخر رَاكِعا} أَي سَاجِدا وَلَكِن هَذَا من حَيْثُ الظَّاهِر مجَاز مَحْض وَوجه الِاسْتِحْسَان من حَيْثُ الظَّاهِر اعْتِبَار شبه صَحِيح وَلَكِن قُوَّة الْأَثر للْقِيَاس مستتر وَوجه الْفساد فِي الِاسْتِحْسَان خَفِي
وَبَيَان ذَلِك أَنه لَيْسَ الْمَقْصُود من السَّجْدَة عِنْد التِّلَاوَة عين السَّجْدَة وَلِهَذَا لَا تكون السَّجْدَة الْوَاحِدَة قربَة مَقْصُودَة بِنَفسِهَا حَتَّى لَا تلْزم بِالنذرِ إِنَّمَا الْمَقْصُود إِظْهَار التَّوَاضُع وَإِظْهَار الْمُخَالفَة للَّذين امْتَنعُوا من السُّجُود استكبارا مِنْهُم كَمَا أخبر الله عَنْهُم فِي مَوَاضِع السَّجْدَة
قُلْنَا وَمعنى التَّوَاضُع يحصل بِالرُّكُوعِ وَلَكِن شَرطه أَن يكون بطرِيق هُوَ عبَادَة وَهَذَا يُوجد فِي الصَّلَاة لِأَن الرُّكُوع فِيهَا عبَادَة كالسجود وَلَا يُوجد خَارج الصَّلَاة ولقوة الْأَثر من هَذَا الْوَجْه أَخذنَا بِالْقِيَاسِ وَإِن كَانَ مستترا وَسقط اعْتِبَار الْجَانِب الآخر فِي مُقَابلَته
وَكَذَلِكَ قَالَ فِي الْبيُوع إِذا وَقع الِاخْتِلَاف بَين الْمُسلم إِلَيْهِ وَرب السّلم فِي ذرعان الْمُسلم فِيهِ فِي الْقيَاس يَتَحَالَفَانِ وبالقياس نَأْخُذ وَفِي الِاسْتِحْسَان القَوْل قَول الْمُسلم إِلَيْهِ
وَوجه الِاسْتِحْسَان أَن الْمُسلم فِيهِ مَبِيع فالاختلاف فِي ذرعانه لَا يكون اخْتِلَافا فِي أَصله بل فِي صفته من حَيْثُ الطول وَالسعَة وَذَلِكَ لَا يُوجب التَّحَالُف كالاختلاف فِي ذرعان الثَّوْب الْمَبِيع بِعَيْنِه
وَوجه الْقيَاس أَنَّهُمَا اخْتلفَا فِي الْمُسْتَحق بِعقد السّلم وَذَلِكَ يُوجب التَّحَالُف ثمَّ أثر الْقيَاس مستتر وَلكنه قوي من حَيْثُ إِن عِنْد السّلم إِنَّمَا يعْقد بالأوصاف الْمَذْكُورَة لَا بِالْإِشَارَةِ إِلَى الْعين فَكَانَ الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ خمس فِي سبع غير الْمَوْصُوف بِأَنَّهُ أَربع فِي سِتَّة فَبِهَذَا يتَبَيَّن أَن الِاخْتِلَاف