فَزعم الجانى أَنه رَقِيق لَا يلْزمه أرش الْجِنَايَة على الْأَحْرَار حَتَّى يقوم الْبَيِّنَة على حُرِّيَّته لِأَن ثُبُوت الْحُرِّيَّة للْحَال لَيْسَ بِدَلِيل مُوجب لذَلِك بل بِاعْتِبَار أصل الْحُرِّيَّة لأَوْلَاد آدم وَذَلِكَ لَا يُوجب الْبَقَاء فَكَانَ دَعْوَاهُ الْحُرِّيَّة لنَفسِهِ فِي الْحَال مُحْتملا وَدَعوى الْغَيْر الرّقّ عَلَيْهِ مُحْتَمل فبالمحتمل لَا يثبت الرّقّ فِيهِ لغيره وَيجْعَل القَوْل قَوْله فِي الْحُرِّيَّة وبالمحتمل لَا يثبت دَعْوَى اسْتِحْقَاق أرش الْأَحْرَار بِسَبَب الْجِنَايَة عَلَيْهِ غَيره حَتَّى يُقيم الْبَيِّنَة على حُرِّيَّته لِأَن قبل إِقَامَة الْبَيِّنَة لَيْسَ مَعَه إِلَّا الإحتجاج بِلَا دَلِيل وَذَلِكَ دَافع عَنهُ وَلَا يكون حجَّة لَهُ على غَيره
وعَلى هَذَا لَو قذف إنْسَانا ثمَّ زعم أَنه عبد وَقَالَ الْمَقْذُوف بل هُوَ حر فَإِنَّهُ لَا يُقَام حد الْأَحْرَار عَلَيْهِ حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة للمقذوف على حُرِّيَّته
وَكَذَلِكَ لَو قطع يَد إِنْسَان ثمَّ زعم أَنه عبد وَأَنه لَا قصاص عَلَيْهِ
وَكَذَلِكَ لَو شهد فِي حادثه ثمَّ زعم الْمَشْهُود عَلَيْهِ أَنه عبد فَإِن شَهَادَته لَا تكون حجَّة حَتَّى تقوم الْبَيِّنَة على حُرِّيَّته وَالشَّافِعِيّ رَحمَه الله يخالفنا فِي جَمِيع ذَلِك للْأَصْل الذى
وعَلى هَذَا لَو اشْترى شِقْصا من دَار فَطلب الشَّفِيع الشُّفْعَة وَقَالَ الْمُشْتَرى مَا فِي يدك مِمَّا تدعى بِهِ الشُّفْعَة لَيْسَ بِملك لَك بل هِيَ ملكه فَإِنَّهُ يكون القَوْل قَول مدعى الشُّفْعَة فِي دفع دَعْوَى الْمُشْتَرى عَمَّا فِي يَده وَيكون القَوْل قَول الْمُشْتَرى فِي إِنْكَاره حق الشُّفْعَة لَهُ حَتَّى إِن الشَّفِيع مَا لم يقم الْبَيِّنَة على أَن الْعين الذى فِي يَده ملكه لَا يسْتَحق الشُّفْعَة عندنَا لِأَن خبر كل وَاحِد مِنْهُمَا مُحْتَمل فَلَا يكون حجَّة على خَصمه فِي اسْتِحْقَاق مَا فِي يَده
وَعند الشَّافِعِي ملك الشَّفِيع فِيمَا فِي يَده ثَابت بِاعْتِبَار أَن قَوْله مُسْتَند إِلَى دَلِيل مُثبت فَيسْتَحق بِهِ الشُّفْعَة
وَنَظِير مَا قَالَه عُلَمَاؤُنَا قَول الْمولى لعَبْدِهِ إِن لم أَدخل الْيَوْم الدَّار فَأَنت حر ثمَّ قَالَ الْمولى بعد مضى الْيَوْم قد دخلت وَقَالَ العَبْد لم تدخل فَإِن القَوْل قَول الْمولى حَتَّى لَا يعْتق العَبْد وَمَعْلُوم أَن قَول العَبْد مُسْتَند إِلَى دَلِيل من حَيْثُ الظَّاهِر وَهُوَ أَن الأَصْل عدم الدُّخُول وَلَكِن لما كَانَ قَوْله فِي الْحَال مُحْتملا وَقَول الْمولى كَذَلِك لم يثبت اسْتِحْقَاقه على الْمولى بِمَا هُوَ مُحْتَمل
وَكَذَلِكَ الْمَفْقُود فَإِنَّهُ لَا يَرث أحدا من أَقَاربه إِذا مَاتَ قبل أَن يظْهر حَاله