الْعَكْس ينص على حكم آخر سوى مَا ذَكرْنَاهُ فِي التَّعْلِيل فَلَا يكون إبطالا بطرِيق النّظر وَإِنَّمَا يكون الْعَكْس دفعا لما فِيهِ من الْإِبْطَال والمناقضة فَإِذا عرى عَن ذَلِك لم يكن دفعا وَلِأَنَّهُ علل بِحكم مُجمل لَا يتَّصل بالمتنازع فِيهِ إِلَّا بِكَلَام هُوَ ابْتِدَاء وَلَيْسَ للسَّائِل دلك فَظهر أَن الْعَكْس سُؤال ضَعِيف
فصل فِي الْمُعَارضَةوَقد بَينا تَفْسِير الْمُعَارضَة فِيمَا مضى وَهَذَا الْفَصْل لبَيَان أقسامها وتمييز الْفَاسِد من الصَّحِيح مِنْهَا فَيَقُول
الْمُعَارضَة نَوْعَانِ نوع فِي عِلّة الأَصْل وَنَوع فِي حكم الْفَرْع فالذى فِي حكم الْفَرْع على خَمْسَة أوجه مُعَارضَة بالتنصيص على خلاف حكم الْعلَّة فِي ذَلِك الْمحل بِعَيْنِه ومعارضة بتغيير هُوَ تَفْسِير لذَلِك الحكم على وَجه التَّقْرِير لَهُ ومعارضة بتغيير فِيهِ إجلال بِموضع الْخلاف ومعارضة فِيهَا نفى مَا لم يُثبتهُ الْمُعَلل أَو إِثْبَات مَا لم ينفه الْمُعَلل وَلكنه يتَّصل بِموضع التَّعْلِيل ومعارضة بِإِثْبَات حكم فِي غير الْمحل الذى أثبت الْمُعَلل الحكم فِيهِ بعلته
والذى فِي عِلّة الأَصْل أَنْوَاع ثَلَاثَة مُعَارضَة بِذكر عِلّة فِي الأَصْل لَا تتعدى إِلَى فرع ومعارضة بِذكر عِلّة تتعدى إِلَى فرع الحكم فِيهِ مُتَّفق عَلَيْهِ ومعارضة بعلة تتعدى إِلَى فرع الحكم فِيهِ مُخْتَلف فِيهِ
وَبَيَان الْوَجْه الأول من الْأَوْجه الْخَمْسَة فِي تكْرَار الْمسْح بِالرَّأْسِ فَإِن الْخصم يَقُول ركن فِي الْوضُوء فَيسنّ تثليثه كالمغسول وَنحن نعارضه بقولنَا مسح فِي الطَّهَارَة فَلَا يسن تثليثه كالمسح بالخف فَهَذِهِ مُعَارضَة صَحِيحه لما فِيهَا من التَّنْصِيص على خلاف حكم علته فِي ذَلِك الْمحل بِعَيْنِه
وَبَيَان الْوَجْه الثَّانِي فِي هَذَا الْموضع أَيْضا فَإنَّا نقُول ركن فِي الْوضُوء فَبعد الْإِكْمَال بِالزِّيَادَةِ على الْقدر الْمَفْرُوض فِي مَحل الْفَرِيضَة لَا يسن تثليثه كَمَا فِي المغسولات
فَهَذِهِ مُعَارضَة بتغيير هُوَ تَفْسِير للْحكم فِي تَقْرِيره