فصلوَمَا ينتهى إِلَيْهِ مَا يَقع بِهِ التَّرْجِيح فِي الْحَاصِل أَرْبَعَة أَحدهَا قُوَّة الْأَثر وَالثَّانِي قُوَّة الثَّبَات على الحكم الْمَشْهُود بِهِ وَالثَّالِث كَثْرَة الْأُصُول وَالرَّابِع عدم الحكم عِنْد عدم الْعلَّة
أما الْوَجْه الأول فَلِأَن الْمَعْنى الَّذِي بِهِ صَار الْوَصْف حجَّة الْأَثر فمهما كَانَ الْأَثر أقوى كَانَ الِاحْتِجَاج بِهِ أولى لصفة الوكادة فِيمَا بِهِ صَار حجَّة
فَذَلِك نَحْو دَلِيل الِاسْتِحْسَان مَعَ الْقيَاس وَنَحْو الْأَخْبَار إِذا تَعَارَضَت فَإِن الْخَبَر لما كَانَ حجَّة لِمَعْنى الِاتِّصَال برَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَمَا يزِيد معنى الِاتِّصَال وكادة من الاشتهار وَفقه الرَّاوِي وَحسن ضَبطه واتقانه كَانَ الِاحْتِجَاج بِهِ أولى
فَإِن قيل أَلَيْسَ أَن الشَّهَادَات مَتى تَعَارَضَت لم يتَرَجَّح بَعْضهَا بِقُوَّة عَدَالَة بعض الشَّاهِد وَهِي إِنَّمَا صَارَت حجَّة بِاعْتِبَار الْعَدَالَة ثمَّ بعد ظُهُور عادلة الْفَرِيقَيْنِ لَا يَقع التَّرْجِيح بِزِيَادَة معنى الْعَدَالَة قُلْنَا الْعَدَالَة لَيست بِذِي أَنْوَاع مُتَفَاوِتَة حَتَّى يظْهر لبعضها قُوَّة عِنْد الْمُقَابلَة بِالْبَعْضِ وَهِي عبارَة عَن التَّقْوَى والانزجار عَن ارْتِكَاب مَا يعْتَقد الْحُرْمَة فِيهِ وَذَلِكَ مِمَّا لَا يُمكن الْوُقُوف فِيهِ على حد أَن يرجح الْبَعْض بِزِيَادَة قُوَّة عِنْد الرُّجُوع إِلَى حَده بِخِلَاف تَأْثِير الْعلَّة فَإِن قُوَّة الْأَثر عِنْد الْمُقَابلَة تظهر على وَجه لَا يُمكن إِنْكَاره
وَبَيَان هَذَا فِي مسَائِل
مِنْهَا أَن الشَّافِعِي علل فِي طول الْحرَّة أَنه يمْنَع نِكَاح الْأمة لِأَن فِي هَذَا العقد إرقاق جُزْء مِنْهُ مَعَ استغنائه عَنهُ فَلَا يجوز كَمَا لَو كَانَ تَحْتَهُ حرَّة وَهَذَا الْوَصْف بَين الْأَثر فَإِن الإرقاق نَظِير الْقَتْل من وَجه أَلا نرى أَن الإِمَام فِي الْأُسَارَى يتَخَيَّر بَين الْقَتْل والاسترقاق فَكَمَا يحرم عَلَيْهِ قتل وَلَده شرعا يحرم عَلَيْهِ إرقاقه مَعَ استغنائه عَنهُ
وَقُلْنَا هَذَا النِّكَاح يجوز لعبد الْمُسلم فَإِن الْمولى إِذا دفع إِلَيْهِ مَالا وَأذن لَهُ فِي أَن ينْكح بِهِ مَا شَاءَ من حرَّة أَو أمة جَازَ لَهُ أَن ينْكح الْأمة فَلَمَّا كَانَ طول الْحرَّة لَا يمْنَع نِكَاح الْأمة للْعَبد الْمُسلم لَا يمْنَع للْحرّ لوُجُود الْحرَّة فِي الدُّنْيَا
وتأثير مَا قُلْنَا أَن تَأْثِير الرّقّ