الإهدار لَا للماثلة على وَجه الخبران لِأَن النُّفُوس بأطرافها مصونة عَن الابتذال وَعَن الإهدار
وَأما الْوَجْه الثَّالِث وَهُوَ التَّرْجِيح بِكَثْرَة الْأُصُول فَلِأَن كَثْرَة الْأُصُول فِي الْمَعْنى الَّذِي صَار الْوَصْف بِهِ حجَّة بِمَنْزِلَة الاشتهار فِي الْمَعْنى الَّذِي صَار الْخَبَر بِهِ حجَّة وَهَذَا يظْهر إِذا تَأَمَّلت فِيمَا ذكرنَا من الْمسَائِل وَغَيرهَا وَمَا من نوع من هَذِه الْأَنْوَاع الثَّلَاثَة إِذا قَرّرته فِي مَسْأَلَة إِلَّا وَتبين بِهِ إِمْكَان تَقْرِير النَّوْعَيْنِ الآخرين فِيهِ أَيْضا
وَأما الْوَجْه الرَّابِع وَهُوَ التَّرْجِيح بِعَدَمِ الحكم عِنْد عدم الْعلَّة فَهُوَ أَضْعَف وُجُوه التَّرْجِيح لما بَينا أَن الْعَدَم (لَا يُوجب شَيْئا وَأَن الْعَدَم لَا يكون مُتَعَلقا بعلة وَلَكِن انعدام الحكم عِنْد انعدام الْعلَّة) يصلح أَن يكون دَلِيلا على وكادة اتِّصَال الحكم بِالْعِلَّةِ فَمن هَذَا الْوَجْه يصلح للترجيح
وَبَيَانه فِي الْمسْح بِالرَّأْسِ أَيْضا فَإِن التَّعْلِيل بِأَنَّهُ ركن لَا يكون فِي الْقُوَّة كالتعليل بِأَنَّهُ مسح لِأَن حكم ثُبُوت التّكْرَار لَا يَنْعَدِم بانعدام الركنية كَمَا فِي الْمَضْمَضَة وَالِاسْتِنْشَاق وَحكم سُقُوط التّكْرَار يَنْعَدِم بانعدام وصف الْمسْح كَمَا فِي اغتسال الْجنب وَالْحَائِض فَإِنَّهُ يسن فِيهِ صفة التّكْرَار لِأَنَّهُ لَيْسَ بمسح
وَكَذَلِكَ فِي كل مَا يعقل تَطْهِيرا صفة التّكْرَار فِيهِ يكون مسنونا وَفِيمَا لَا يعقل تَطْهِيرا لَا يسن فِيهِ صفة التّكْرَار وَقَوْلنَا مسح ينبىء عَن ذَلِك
وَكَذَلِكَ قُلْنَا فِي الْأَخ إِذا ملك أُخْته إِن بَينهمَا قرَابَة مُحرمَة للنِّكَاح وينعدم حكم الْعتْق بِالْملكِ عِنْد انعدام هَذَا الْمَعْنى كَمَا فِي بني الْأَعْمَام وَهُوَ إِذا قَالَ شخصان يجوز لأَحَدهمَا أَن يضع زَكَاة مَاله فِي صَاحبه فَلَا يعْتق أَحدهمَا على صَاحبه إِذا ملكه لِانْعِدَامِ هَذَا الحكم عِنْد انعدام هَذَا الْمَعْنى فَإِن الْمُسلم لَا يجوز لَهُ أَن يضع زَكَاة مَاله فِي الْكَافِر وَذَلِكَ لَا يدل على أَنه يعْتق أَحدهمَا على صَاحبه إِذا ملكه
وَكَذَلِكَ قُلْنَا فِي بيع الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِنَّه لَا يشْتَرط قَبضه فِي الْمجْلس لِأَنَّهُ عين بِعَين وينعدم هَذَا الحكم عِنْد انعدام