الْحَج فِي الْعُمر فَعرفنَا أَن الْعمرَة زِيَارَة وَهِي سنة قَوِيَّة فعلهَا رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام وَأمر بهَا
وَالْجهَاد قربَة بِاعْتِبَار إعلاء كلمة الله وإعزاز الدّين وَلما فِيهِ من توهين الْمُشْركين وَدفع شرهم عَن الْمُسلمين وَلِهَذَا سَمَّاهُ رَسُول الله عَلَيْهِ السَّلَام سَنَام الدّين
وَكَانَ أَصله فرضا لِأَن إعزاز الدّين فرض وَلكنه فرض كِفَايَة لِأَن الْمَقْصُود وَهُوَ كسر شَوْكَة الْمُشْركين وَدفع شرهم وفتنتهم يحصل بِبَعْض الْمُسلمين فَإِذا قَامَ بِهِ الْبَعْض سقط عَن البَاقِينَ
وَالِاعْتِكَاف قربَة زَائِدَة لما فِيهَا من تَعْظِيم الْمَكَان الْمُعظم بالْمقَام فِيهِ وَهُوَ الْمَسْجِد وَلما فِي شَرطهَا من منع النَّفس عَن اقْتِضَاء الشَّهَوَات يَعْنِي الصَّوْم
وَالْمَقْصُود بهَا تَكْثِير الصَّلَاة إِمَّا حَقِيقَة أَو حكما بانتظار الصَّلَاة فِي مَكَانهَا على صفة الاستعداد لَهَا بِالطَّهَارَةِ
وَأما صَدَقَة الْفطر فَهِيَ عبَادَة فِيهَا معنى المئونة وَلِهَذَا لَا تتأدى بِدُونِ نِيَّة الْعِبَادَة بِحَال وَلَا تجب إِلَّا على الْمَالِك لما يُؤَدِّي بِهِ حَقِيقَة بِمَنْزِلَة الزَّكَاة وَلَكِن لَا يشْتَرط لوُجُوبهَا صفة كَمَال الْملك وَالْولَايَة حَتَّى تجب على الصَّبِي فِي مَاله بِخِلَاف الزَّكَاة وَتجب على الْغَيْر بِسَبَب الْغَيْر فَعرفنَا أَن فِيهَا معنى المئونة كَالنَّفَقَةِ
وَأما الْعشْر فَهُوَ مئونة فِيهِ معنى الْعِبَادَة
وَالْخَرَاج مئونة فِيهِ معنى الْعقُوبَة من حَيْثُ إِن وجوب كل وَاحِد مِنْهُمَا بِاعْتِبَار حفظ الْأَرَاضِي وإنزالها إِلَّا أَن فِي الْخراج معنى الذل على مَا أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حِين رأى آلَة الزِّرَاعَة فِي دَار قوم فَقَالَ مَا دخل هَذَا فِي دَار قوم إِلَّا ذلوا وَكَأن ذَلِك لما فِي الِاشْتِغَال بالزراعة من الْإِعْرَاض عَن الْجِهَاد وَإِنَّمَا يلْتَزم الْخراج من يشْتَغل بِعَمَل الزِّرَاعَة وَلِهَذَا لَا يبتدأ الْمُسلم بالخراج فِي أرضه وَيبقى عَلَيْهِ الْخراج بعد إِسْلَامه لِأَنَّهُ يتَرَدَّد بَين المئونة والعقوبة فَلَا يُمكن إِيجَابه على الْمُسلم ابْتِدَاء لِمَعْنى المئونة لمعارضة معنى الْعقُوبَة إِيَّاه وَلَا يُمكن إِسْقَاطه