هَذَا قُلْنَا إِذا قَالَ لامْرَأَته إِن كنت تحبيني أَو تبغضيني فَأَنت كَذَا فَإِن إخبارها بِهِ فِي الْمجْلس يكون دَلِيل وجود مَا جعله شرطا فَجعل قَائِما مقَام الْمَدْلُول
وَفِيه ثَلَاثَة أوجه من الْفِقْه أَحدهَا الضَّرُورَة وَالْعجز عَن الْوُقُوف على مَا هُوَ الْحَقِيقَة كَمَا فِي الْمحبَّة والبغض وَبِه تعدى الحكم إِلَى قَوْله إِن حِضْت فَأَنت كَذَا فَقَالَت حِضْت فَإِنَّهُ يُقَام خَبَرهَا بِهِ مقَام حَقِيقَة الشَّرْط فِي وُقُوع الطَّلَاق
وَالثَّانِي الِاحْتِيَاط فِي بَاب الحرمات والعبادات
وَالثَّالِث دفع الْحَرج عَن النَّاس فِيمَا تتَحَقَّق فِيهِ الْحَاجة لَهُم وَلِهَذَا جعل الشَّرْع فِي بَاب الْإِجَارَة ملك الْعين المنتفع بِهِ مقَام ملك الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَهُوَ الْمَنْفَعَة فِي جَوَاز العقد وَأقَام سَبَب وجود الْمَنْفَعَة وَهُوَ كَون الْعين مُنْتَفعا بهَا مقَام حَقِيقَة وجودهَا لِأَنَّهَا بعد الْوُجُود لَا تبقى وَقْتَيْنِ فَلَا يُمكن إبراد العقد عَلَيْهَا وتسليمها فلدفع الْحَرج فِيمَا للنَّاس حَاجَة إِلَيْهِ أَقَامَ الشَّرْع غير الْمَقْصُود بِالْعقدِ مقَام الْمَقْصُود فِيمَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ عقد الْمُعَاوضَة وَهُوَ وجود الْمَعْقُود عَلَيْهِ وَكَونه مَمْلُوكا للعاقد
فَهَذِهِ حُدُود يتم بمعرفتها فقه الرجل وَلَكِن فِي ضبط حُدُودهَا بعض الْحَرج لما فِيهَا من الدقة فَلَا يطْلبهَا فَقِيه بكسل وَلَا يَقِفن عَن طلبَهَا بفشل وَالله الْهَادِي لمن جَاهد فِي سَبيله
فصل فِي بَيَان تَقْسِيم الشَّرْطوَهِي سِتَّة أَقسَام شَرط مَحْض وَشرط فِي حكم الْعلَّة وَشرط فِيهِ شُبْهَة الْعلَّة وَشرط فِي معنى السَّبَب وَشرط اسْما لَا حكما وَشرط بِمَعْنى الْعَلامَة الْخَالِصَة
فَأَما الشَّرْط الْمَحْض فَهُوَ مَا يتَوَقَّف وجود الْعلَّة على وجوده وَيمْتَنع وجود الْعلَّة حَقِيقَة بعد وجودهَا صُورَة حَتَّى يُوجد ذَلِك الشَّرْط فَتَصِير مَوْجُودَة عِنْدهَا حَقِيقَة على مَا بَينا فِي الْفرق بَين الشَّرْط وَالْعلَّة أَن الحكم مُضَاف إِلَى الشَّرْط وجودا عِنْده لَا وجوبا بِهِ وَذَلِكَ نَحْو كَلِمَات الشَّرْط كلهَا كَقَوْلِه لعَبْدِهِ إِن دخلت الدَّار فَأَنت حر أَو إِذا دخلت أَو مَتى دخلت أَو كلما دخلت فَإِن التَّحْرِير الَّذِي هُوَ عِلّة يتَوَقَّف وجوده على وجود الشَّرْط حَقِيقَة بعد