من دُخُوله فِي ملك الْغَاصِب الضَّامِن وَهَذَا أَحَق النَّاس بِهِ لِأَنَّهُ ملك عَلَيْهِ بدله أَو نقُول فِي الْمُدبر لَا يُمكن أَن يَجْعَل الضَّمَان بَدَلا عَن الْعين لِأَن من شَرطه انعدام ملكه فِي الْعين وَهَذَا الشَّرْط لَا يُمكن إيجاده بِحَق الْمُدبر فَجعلنَا الضَّمَان ضَمَان الْجِنَايَة وَاجِبا بِاعْتِبَار الْجِنَايَة على يَده وَهَذَا جَائِز عِنْد الضَّرُورَة وَلَا ضَرُورَة فِي الْقِنّ فَيجْعَل بَدَلا عَن الْعين وَلِهَذَا قُلْنَا لَو أَخذ الْقيمَة بطرِيق الصُّلْح بِغَيْر قَضَاء القَاضِي لَا يملك عَلَيْهِ الْمُدبر وَيملك عَلَيْهِ الْقِنّ
وَهَذَا طَرِيق فِي تَخْرِيج جنس هَذِه الْمسَائِل
فصل فِي بَيَان حكم الْأَمر وَالنَّهْي فِي أضدادهماقَالَ رَضِي الله عَنهُ اعْلَم أَن الْعلمَاء يَخْتَلِفُونَ فيهمَا جَمِيعًا فنبين كل وَاحِد مِنْهُمَا على الِانْفِرَاد ليَكُون أوضح
أما بَيَان حكم الْأَمر فقد قَالَ بعض الْمُتَكَلِّمين لَا حكم لِلْأَمْرِ فِي ضِدّه
وَقَالَ الْجَصَّاص رَحمَه الله الْأَمر بالشَّيْء يُوجب النَّهْي عَن ضِدّه سَوَاء كَانَ لَهُ ضد وَاحِد أَو أضداد
وَقَالَ بَعضهم يُوجب كَرَاهَة ضِدّه وَالْمُخْتَار عندنَا أَنه يَقْتَضِي كَرَاهَة ضِدّه وَلَا نقُول إِنَّه يُوجِبهُ أَو يدل عَلَيْهِ مُطلقًا
وَحجَّة الْفَرِيق الأول أَن الضِّدّ مسكوت عَنهُ وَالسُّكُوت عَنهُ لَا يكون مُوجبا شَيْئا أَلا ترى أَن التَّعْلِيق بِشَرْط لَا يُوجب نفي الْمُعَلق قبل وجود الشَّرْط لِأَنَّهُ مسكوت عَنهُ فَيبقى على مَا كَانَ قبل التَّعْلِيق فَهُنَا أَيْضا الضِّدّ مسكوت عَنهُ فَيبقى على مَا كَانَ قبل الْأَمر
يقرره أَن الْأَمر فِيمَا وضع لَهُ لَا يُوجب حكما فِيمَا لم يتَنَاوَلهُ النَّص إِلَّا بطرِيق التَّعْدِيَة إِلَيْهِ بعد التَّعْلِيل فَلِأَن لَا يُوجب حكما فِي ضد مَا وضع لَهُ كَانَ أولى وعَلى قَول هَؤُلَاءِ الذَّم وَالْإِثْم على من ترك الائتمار بِاعْتِبَار أَنه لم يَأْتِ بِمَا أَمر بِهِ
قَالَ الْجَصَّاص رَحمَه الله وَهُوَ قَول قَبِيح فَإِن فِيهِ قولا بِاسْتِحْقَاق العَبْد الْعقُوبَة على مَا لم يَفْعَله وَاسْتِحْقَاق الْعقُوبَة إِنَّمَا هُوَ بِاعْتِبَار فعل فعله العَبْد ثمَّ إِنَّه بنى مذْهبه على أَن الْأَمر الْمُطلق يُوجب الائتمار على الْفَوْر فَقَالَ من ضَرُورَة وجوب الائتمار على الْفَوْر حُرْمَة التّرْك الَّذِي هُوَ ضِدّه وَالْحُرْمَة حكم النَّهْي فَكَانَ مُوجبا للنَّهْي عَن ضِدّه بِحكمِهِ
يُوضحهُ أَن الْأَمر طلب الإيجاد للْمَأْمُور بِهِ على