قلنا قولهم منون وأن كان لفظه لفظ الجمع فليس بجمع على الحقيقة لأنه يستفاد منه ما يستفاد من قوله من عندنا وعند المخالف ألا ترى أنه لو قال القائل من أنتم كان استفهاما عن جماعتهم كما أن قوله منون استفهام عن جماعتهم وعند المخالف أن ألفاظ العموم كلها مشتركة وليس فى اللغة لفظ يختص بالاستغراق ولفظ منون عندهم مشترك بين الاستغراق والبعض كلفظ من فلم تفد أكثر ما تفيده لفظ من فيثبت أن هذا الكلام يلزمنا ويلزمهم فلم يكن فيه دليل علينا.
وأما الدليل الأخير الذى قالوه فقد أجبنا عنه 1 واعلم أن من المتكلمين من حمل لفظ الجمع على أقل الجمع وهو ثلاثة وتوقف فيما زاد.
وقيل أنه قول أبى هاشم وذهب إليه من الفقهاء محمد بن شجاع البلخى والدلائل التى أقمناها فى إثبات الاستيعاب واستغراق اللفظ لكل ما يصلح له يبطل هذا القول وهذا لأنه إذا كان لاستيعاب كل ما يصلح له فالثلاث وما زاد عليه فى الصلاحية واحد فليتناول الكل تناولا واحدا فلم يجز أن يحمل على بعض ما ينتظمه اللفظ دون البعض.
وتعلق من قال بالقول الثانى بأن دخول الثلاثة فى اللفظ يقين وما زاد يحتمل فلا يثبت دخوله بالشك.
والجواب أن دعوى الشك محال فيما زاد على الثلاث لأن اللفظ الموضوع للاستيعاب والاستغراق جميع ما يصلح له اللفظ ويستحيل أن يقال أن بعض ما يصلح له اللفظ يقين وبعض ما يصلح له مشكوك فيه وهذا لأنه لما يتناول كل الأعداد على وجه واحد فلم يجز هذا التفريق بوجه ما.
فإن قالوا: أليس إذا قال لفلان على دراهم يقبل تفسيرها بثلاثة ولا يقبل فيما دون الثلاثة.
قلنا هذا لا يقتضى الاستيعاب.
قالوا: ما قولكم إذا قال لفلان على الدراهم.
قلنا كذلك نقول ولكن إنما لم يحمل على الجميع لأنه لا يتصور حمله على جميع الدراهم لأنه لا يتصور أن يكون أتلف عليه كل درهم فى الأرض أو استقرض كل درهم فى الأرض فعدل عن العموم لأنه لم يكن حمله على العموم.