وقيل من ذهب إلى هذا أنه يستقبح أن يقول الرجل لفلان على ألف إلا تسع مائة وتسعة وتسعين.
والاستقباح يمنع من الاستعمال والمتروك استعماله متروك.
ببينة أن الاستثناء لاختصار الكلام أو الاستدراك ويبعد كلاهما فى هذه الصورة ولأنه لو جاز استثناء الأكثر لجاز استثناء الكل ولأن المستثنى فرع المستثنى منه ولا يجوز أن يزيد الفرع على أصله وهذا القول مدفوع بالكتاب واللسان والمعنى.
أما الكتاب قوله تعالى: {قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلاً، نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً، أَوْ زِدْ عَلَيْهِ} المزمل: 2, 4 وفى الزيادة على النصف استثناء الأكثر وبقاء الأقل ولأن الله تعالى قال فى موضع: {إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ} الحجر:40 وقال فى موضع: {إِلَّا مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِينَ} الحجر: 42 فمرة استثنى المخلصين ومرة استثنى الغاوين ولا بد أن أحد العددين يكون أكثر.
وأما اللسان فقول الشاعر.
أدوا التى نقصت تسعين عن مائة
... ثم ابعثوا حكما بالعقل حكاما
وأما المعنى فهو أن حد الاستثناء ما قلناه وذلك الحد موجود فى استثناء الأكثر والأقل على وجه واحد كالتخصيص فإذا جاز جريان التخصيص فى أكثر ما دخل تحت العموم فكذلك الاستثناء.
وأما دعوى الاستقباح فغير مسلم وإنما هو استثناء وليس باستقباح.
وأما استثناء الجميع فإنما لم يجز لأنه تخصيص والتخصيص يجرى فى البعض لا فى الكل ولأن استثناء الكل من كلامه نقص لكلامه وإسقاط لفائدته بخلاف استثناء.