على ما كان قبل معرفة العلة قال وكذلك فى الحكم المعلق بالشرط فالشرط يقتضى وجود الحكم عند وجوده ولا يقتضى نفيا عند عدمه بل الحكم عند عدم الشرط يكون موقوفا على قيام الدلالة كما تقول فى العلة.
قال وأما الزكاة إنما لم تجب فى المعلوفة بدليل آخر وهو قوله صلى الله عليه وسلم: "لا زكاة فى الإبل العوامل" 1 وبعضهم روى: "لا زكاة فى الحمولة والعلوفة" 2 واستدل من قال لغيره أعتق عبيدى ثم قال أعتق عبدى الأبيض لا يكون نهيا عن عتق غيره وأما أبو الحسن الكرخى من أصحابهم فرق بين المقيد بشرط وبين المقيد بصفة قال لأن التعليق بالشرط يقتضى إيقاف الحكم على وجود الشرط وإذا وقف عليه انعدم بعدمه وليس فى تقييد الحكم بالصفة إيقاف الحكم عليها حتى ينعدم عند عدمها فيبقى ما وراء المذكور موقوفا بل بحسب ما يقوم عليه الدليل والأصح عندهم أن لا فرق بين الشرط والصفة.
وأما دليلنا اعلم أن الأصحاب اختلفوا فى أن دليل الخطاب دليل من حيث اللفظ أو من حيث الشرع والصحيح أنه دليل من حيث اللغة ووضع لسان العرب فيقول الدليل على ذلك أن ابن عباس ناظر الصحابة وهم قطب العرب والفصحاء منهم فى إسقاط ميراث الأخوات مع البنات بقوله تعالى: {إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} النساء: 176 فكان دليله أن لا شىء لها مع الولد وسائر الصحابة لم يدفعوا عن هذا الاستدلال بل عدلوا فى إثبات توريث الأخوات مع البنات إلى حديث ابن مسعود رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ورث الأخوات مع البنات3 والخبر المشهور فى الباب وفى هذا إجماع منهم على القول بدليل الخطاب وبمثل هذا استدل ابن عباس على الصحابة فى قوله تعالى: {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ} النساء: 11 وزعم أن الأخوين لا يردان الأم من الثلث إلى السدس وقال له عثمان أصحابك جعلوا الأخوين بمنزلة الإخوة ولم يذكر أن هذا الذى يقوله لا يدل عليه لسان العرب.