فصل: فى ذكر وجوه المجاز وطرق استعماله.
اعلم أنا بينا أن الكلام ينقسم إلى الحقيقة والمجاز والصريح والكناية والمبين والمجمل والمفسر والمبهم والخصوص والعموم والمطلق والمقيد وقد بينا ذلك وهذه الوجوه كلها بلسان العرب وجاء الكتاب والسنة بها والبيان المطلوب متعلق بجميع ذلك وقد كنى الله تعالى عن النساء بالنعاج فقال تعالى: {إِنَّ هَذَا أَخِي لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً} صّ: 23 وكنى عن الوطء بالإفضاء وكنى عن النساء بالحرث وكنى عنهن باللباس وكنى عن ما يخرج من الإنسان بالغائط وكنى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوطء بالعسيلة وكنى عن النساء بالقوارير وكنى عن قرب المشركين بلفظ النار وقال صلى الله عليه وسلم: "لا تستضيئوا بنار المشركين" 1.
وقد قيل أن الكناية عند العرب أبلغ من الصريح فى معنى البراعة وأكثر أمثال العرب على مجاز من الكنايات ويقولون فلان عفيف الإزار طاهر الذيل وكنوا عن الاقتضاض بثقب اللؤلؤ وكنوا عن بنت الرجل بكريمته وعن الصغير بالريحانة وعن الأخت بالشقيقة وعن الأعمى بالمحجوب وعن الأبرص بالوضاح وعن الأسود الذى قد شاب رأسه بالغراب وعن البخيل بالمتقصد وكنوا عن البخيل بأنه جعد الأصابع وقالوا: فيمن اكتهل سدل الأدهم2 بالأبلق3 وقالوا: استبدل المسك بالكافور وأمثال هذا كثير.
واعلم أن المجاز على وجوه كثيرة ويذكر بعضها من ذلك تسمية الشىء باسم غيره4 إذا كان لسبب كتسميتهم البنت ندى لأنه من الندى يكون بما سموا النجم ندى لأنه عنه.