بعض أهل الظاهر وقال بعض المتكلمين وبعض أصحاب أبي حنيفة أن اختلافهم على قولين يوجب تسويغ الاجتهاد فجاز إحداث قول ثالث كما لو يستقر الخلاف1.
وأيضا فإن الصحابة اختلفوا في زوج وأبوين وامرأة وأبوين على قولين فجاء ابن سيرين وأحدث قولا ثالثا فقال في امرأة وأبوين بقول ابن عباس وفي زوج وأبوين بقول سائر الصحابة وأقره سائر العلماء على هذا فلم ينكروا عليه مخالفة الإجماع.
والصحيح ما قدمنا من تحريم إحداث قول ثالث لأن إجماعهم على قولين إجماع على تحريم ما عداهما فلما لم نجز خلاف الإجماع في القول الواحد لأنه يتضمن تحريم ما عداه فكذلك لا يجوز خلاف إجماعهم على القولين لإجماعهم على تحريم ما عداه يدل عليه أنه قد ثبت أن الحق لا يخرج عن الإجماع فلو جاز إحداث قول ثالث لم يعتقدوه يخرج الحق عن أقوالهم لأنا إنما جوزنا ذلك فيجوز أن يكون الحق في القول الثالث وفي هذا إبطال الإجماع.
وأما قولهم أن اختلاف الصحابة على قولين يوجب جواز الاجتهاد.
قلنا يوجب جواز الاجتهاد في طلب الحق من القولين فأما في قول ثالث فلا لما بينا أن في إثبات قول ثالث إبطال إجماعهم.
وأما الذي حكوه عن ابن سيرين.
قلنا هو لم يخالف الصحابة بل أخذ بكل واحد من القولين في إحدى المسألتين فصار قوله داخلا في القولين غير خارج منهما وعلى أن ابن سيرين قد عاصر الصحابة وأفتى معهم فاعتد بخلافه فيهم.
ومثال هذه المسألة مسألة الحرام وهي إذا قال لزوجته أنت علي حرام فإن الصحابة اختلفوا في هذه المسألة على خمسة أقاويل وأحدث مسروق قولا سادسا وقال.