واعلم أن قولنا أنه على التراخى ليس معناه على أنه يؤخر عن أول أوقات الفعل لكن معناه أنه ليس على التعجيل.
والجملة أن قوله افعل ليس فيه عندنا دليل إلا على طلب الفعل فحسب من غير أن يكون له تعرض للوقت بحال.
وعند الآخرين أن قوله افعل يقتضى الفعل في أوقات الإمكان فمنهم من قال أن لفظ الأمر يقتضى كذلك ومنهم من قال أن الواجب المستفاد بالأمر يقتضيه.
أما من قال منهم أن لفظ الأمر يقتضى ذلك فاستدلوا بأمر السيد عبده وصورته أن السيد إذا أمر عبده أن يسقيه الماء فهم منه أن يعجل سقيه الماء ولو لم يفعل استحسن العقلاء ذمة على تأخير سقيه.
قالوا: فإن قلتم أنه اقتضى ذلك بقرينة نقول أن السيد يعلل ذمه لعبده فيقول: أمرته بشيء فأخره فلا يحل الذم إلا على مجرد تأخير الأمر هذا دليل.
واستدل أيضا من قال أن لفظ الأمر يقتضي العجل بأن الوقت وأن لم يكن مذكورا في لفظ الأمر فإن الفعل لما كان إنما يقع في وقت وجب أن يفيد إيقاعه في أقرب الأوقات إليه كما أن ألفاظ البيع والنكاح والطلاق والعتاق يفيد وقوعهما فى أقرب الأوقات إليها.
ببينة أن هذه الأشياء إيقاعات من غير أن يكون فيها تعرض للوقت فإذا كان موضوعها على التعجيل لأن الوقت الأول أقرب الأوقات إلى الإيقاع كذلك الأمر الذي هوطلب الفعل.
وأما دليلهم من حيث النظر في فكرة الأمر فمن وجوه:.
منها أن الأمر قد اقتضى وجوب الفعل في أول الفعل والدليل عليه أنه لو أوقعه المكلف فيه أسقط بذلك الفرض عن نفسه فجواز تأخيره نقض لوجوبه لأن حد الواجب ما لا يسع تركه ولاشك أن تأخيره ترك لفعله في وقت وجوبه فثبت أن في التأخير نقض الوجوب وإلحاقه بالنافلة وهذا باطل وهذا دليل معتمد.
قالوا: فإن قلتم أن التأخير لا ينقض الوجوب ولا يلحقه بالنافلة لأن النافلة يجوز الإخلال بها أصلا وهذا لا يجوز الإخلال به لأنه وأن أخره فلا بد أن يفعله في