جاز هذا في العلل الحسية فلأن يجوز في العلل الشرعية أولى.
وأما دلائلنا في منع تخصيص العلة فنبدأ بما ذكره الأصوليون من المتكلمين قالوا: معنى قولنا لا يجوز تخصيص العلة هو أن تخصيصها يمنع من كونها أمارة وطريق إلى الحكم وإذا بينا أن تخصيصها يمنع من كونها طريقا إلى الحكم فقد تم ما أردناه.
وبيان أنه يمنع: أنا إذا قلنا علة تحريم بيع الذهب بالذهب متفاضلا كونه موزونا.
قلنا: إن بيع الرصاص بالرصاص متفاضلا لا يجوز مع وجود الوزن فالقائل لذلك لا يخلو إما أن يقول نص أو يقول ذلك بعلة تقضى إباحة هى أقوى من علة بتحريم بيع الذهب بالذهب.
فإن قال علمت ذلك بعلة وهى أنى أقيس الرصاص على أصل مباح.
فيقال له: بأي معنى تقيس فإن ذكر وصفا من أوصاف الرصاص وقاسه على سائر الأصول التي يجوز بيع بعضها ببعض متفاضلا فإنا إنما نعلم حينئذ حرمة بيع الذهب باذهب متفاضلا بالوزن وبعدم ذلك الوصف الذي جعله علة للإباحة فتبين أنا نعلم بعد التخصيص أنا لا نعلم تحريم شئ بكونه موزونا فقد وأنت جعلت العلة هي الوزن فإن قال: الخصم الأمر كما قلتم غير أنى لا اشترط نفى ذلم الوصف في كون الوزن علة يقال: له سلمت أن العة ليست هى الوزن فقط فهو الذي نريده فإنه لابد من اعتبار نفى وصف آخر. فنقول لك: هلا اشترطت نفى ذلك الوصف؟ فإنك إذا لم تشترط أوهمت أن العة هي الوزن فقط وقد سلمت فساد كون ذلك علة فقط.
فإن قال: أنا لا أشترط غير أن لا أسمية جزءا من العلة وإن كان التحريم لا يحصل بدونه.
يقال له: قد ناقضت في هذا الكلام لأنك قد اشترطته في التحريم. ثم نقضت ذلك بقولك لا أسمية جزءا من العلة مع أنك وافقت في المعنى وخالفت في الاسم.
فإن قال: علمت إباحة بيع الرصاص بنص
يقال له: هل علمت علة إباحته. فإن قال: علمت فالقول في ذلك قد تقدم وإن قال: لا أعلم علة إباحته. فمعلوم أن علة ذلك مقصورة على الرصاص لا يتعداه لأنها لو تخطته لوجب في الحكمة أن ينصب الله تعالى علمنا على ذلك. لنعلم ثبوت حكمها فيما عدا الرصاص وإذا كان كذلك لم يعلم تحريم بيع الذهب بالذهب إلا لأنه موزون وأنه ليس برصاص. فيبطل بهذا الوجه أيضا أن تكون العلة هى الوزن فقط فثبت أن