قال: ولو استأجر ملاحا يحمل له طعامًا ودفعه إليه كيلًا, وأشهد عليه, فنقص الطعام, فعلى الملاح ضمان ما نقص. فإن زاد, فالزيادة لربِّ الطعام.
ومن اكترى دابة إلى مكان بعينه, فتعدى بها المكان الذي اكتراها إليه, فعليه أجرة المثل بقدر ما اعتدى فيه. فإن هلكت الدابة أو نقصت ضمِن قيمتها في الهلاك, وقيمة نقصانها إن لم تهلك. وكذلك لو استأجر دابة لحمولةٍ بعينها, فزاد عليها, ضمن قيمة الدابة إن عطبت, وأجرة الزيادة. وإن سلمت الداية كان عليه الأجرة وأجر الزيادة.
قال: ولو دفع إلى قصار ثوبا ليَقصُرَهُ, ثم هلك الثوب من يده مقصورًا, فعليه قيمة الثوب خاما, ولا أجرةَ للقصار فيما عمل فيه. فإن دفع إلى حائك غزلا فأفسد حياكته فهو ضامن؛ لأن هذا فساد يده, فإن دفع إلى حائك غزلا لينسجه على الثلث أو الربع, فأفسده, لم يكن عليه شيء؛ لأنه شريك فيه, وشبّهه بالمضارب. والذي يقوى عندي هاهنا أنه يضمن؛ لأن الفساد إذا جاء من قبله كان جناية يده, فوجب أن يضمن, كالمضارب لو جنى أو تعدى ضمن.
ولو اكترى دابة فضربها ضربا لم يتعدَّ فيه, وكان صاحبها يضربها مثله لم يضمن وإن هلكت, وإن تعدَّى فيه ضمن. ويتوجه أن يضمن على الوجهين جميعا. والأول هو المنصوص عنه.
قال: ولو أخطأ الأجير المشترك فدفع ثوبا كان عنده ليقصُره إلى غير صاحبه, فضمانه على القصار؛ لأنه هو دفعه إلى غير مالكه, فهي جناية يده. ولا يسع المدفوع إليه لبسه, ولا الانتفاع به إذاع علم أنه ليس بثوبه, وعليه رده إلى القصار ومطالبته بثوبه. وإن لم يعلم القابض حتى لبسه ثم علم, رده مقطوعا, وضمن أجرة القطع واللبس للقصار. وله مطالبته بثوبه إن كان موجودًا. وإن كان هالكًا, فهل على القصار ضمانه أم لا؟ على روايتين كما بينَّا.