عنده بالقبض, وجاز تصرفه فيه بالبيع والهبة وغير ذلك. وكذلك لو كان للولد عبد أو أمة, فقبض ذلك الأب على وجه التملك له ملكه, وجاز عتقه له بعد القبض. فإن قال لعبد ولده قبل أن يقبضه: أنت حر. لم يعتق؛ لأنه باق على ملك الابن. وكذلك لو قال لرجل: قد وهبتُ لك من مال ولدي كذا. لم تصح الهبة إلا أن يقبض ذلك الأب ثم يهبه.
واحتج في جواز أخذ الوالد من مال ولده وما يحتاج إليه بما رواه عن يحيى القطان: أنبأنا عبيد الله بن الأخنس قال: حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: أتى أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن أبي يريد أن يجتاح مالي. فقال: "أنت ومالك لأبيك, إن أطيب ما أكلتم من كسبكم, وإن أموال أولادكم من كسبكم, فكلوه هنيئًا".
وتصرف الولد البالغ الرشيد في أمواله بالبيع والهبة والصدقة جائز, لا اعتراض للأب عليه فيه, إلا في موضع واحد؛ وهو أن يكون للولد عقار يعود عليه منه قدر كفايته وكفاية والده ولا مال له غيره, ولا مال لوالده, فيتصدق به الولد, فإنه قال ها هنا: إن اعترض فيه الوالد رأيت أن يرده الحاكم على الأب ولا يدعه فقيرا لا حيلة له. واحتج لذلك بما رواه حماد بن زيد عن عمرو عن أبي بكر بن محمد أن رجلا تصدق بأرضٍ له على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم, فجاء أبواه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالا: يا رسول الله, ما كان لنا مال - أو قال: معيشة- غيرها. قال: فدفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما, فماتا, فورثهما ابنهما.
وليس لواهب أن يرجع في هبته وإن لم يُثب عليها, إلا أن يشترط الثواب عند الهبة, فيكون له شرطه, إلا الأب, فله أن يرجع فيما وهبه لولده, ما لم يكن غرَّ