صحيحة, فالقول قول المجني عليه, إلا أن يأتي الجاني ببينة على ما ادعاه.
ومن جُني عليه جناية عمد, فقال المجني عليه: عفوت عن جراحتي وما يحدث منها, فمات منها صح عفوه, ولم يكن للورثة قصاص, لما عفا صار لا حكم للجراحة, فلا حكم لما يحدث منها أيضا.
ولو كانت الجراحة خطأ, فقال: عفوت عن جراحتي وما يحدث منها, كان ذلك في ثلثه؛ وذلك أن المستحق بجراحة الخطأ هو المال, وليس له عند العفو على نفسه التصرف في أكثر من ثلثه, وجراحة العمد لا يستحق بها إلا القصاص, وهو حق له, فإذا عفا عنه سقط, ولأن الحد عندنا لا يورث مع عدم المطالبة به, فكيف يورث بعد العفو عنه؟
ولو جرح عبد حرا فمات, فابتاعه ولي الدم بأرش الجناية أو بغيرها, كان ذلك عفوا منه عن القود.
ولو شجه موضحة فاقتص منها, أو أخذ ديتها, فشجه آخر عليها بعد الاندمال فأوضحها, فلا قصاص, ولا دية, وفيها حكومة.
فإن قطع لسانه فأخذ ديته فنبت وعاد صحيحا, لزمه أن يرد الدية, وكان له أرش القطع. فإن قطعه قاطع ثان, كان فيه القصاص أو الدية, ولا يشبه ذلك ما قلناه في الموضحة؛ لأن الجلد فيها لا يعود إلى ما كان عليه, واللسان يعود كما كان, فإن نبت لسانه ونقص بعض حروف الكلام رد الدية, واحتسب بقدر ما نقص من حروف المعجم. فإن قطع قاطع لسانه ثانية, فلا قصاص فيها للنقصان, وله من الدية بحساب ما يكلم به من حروف المعجم.
ولو ضربه على سنه فاسودت, كان فيها حكومة, ولا قصاص؛ لأن منفعتها قائمة, كما لو ضربه على عينه فاسود بياض عينه, كان فيها حكومة ولا قصاص؛ لأن منفعة النظر باقية. وقد قيل عنه: إذا شرب سنه فاسودت, كان فيها ثلث ديتها.
فإن قطع يد رجل من مرفقه أو من كفه أو كوعه, لم يكن فيها إلا دية واحدة,