واحتج المخالف بما روي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه نهى عن بيع الرطب بالتمر, وجعل العلة فيه النقصان, وهذا المعنى موجود في الرطب بالرطب.
والجواب: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - جعل المؤثر في العقد نقصان الرطب عن كمال التمر الموجود في الحال, وهذا لا يوجد في الرطب بالرطب؛ لأنه لا كمال في واحد منهما, ويجري هذا مجرى قول النبي - صلى الله عليه وسلم - لبريرة: (ملكت بضعك فاختاري).
ومعناه: ملكتيه تحت عبد, فاختاري؛ لأن زوجها كان عبدًا.
ولم يعتبر عموم التعليل, كذلك هاهنا؛ لما نهى عن بيع الرطب بالتمر, وعلل فيه بهذا التعليل, يجب أن يكون المراد به: الرطب بالتمر.
واحتج بأن كل ما لم يجز بيع بعضه ببعض عند التفاضل في الكيل, لم يجز بيع بعضه ببعض مع الجهل بالمساواة, كالطعام بالطعام.
والجواب: أنا نقول: إن أردت بقولك: (لم يجز بيعه مع الجهل بالمساواة) حال العقد, فلا نسلم أنه مجهول المساواة حال العقد؛ لأن التساوي موجود كيلًا.