وقال مالك: إن امتنع المبتاع عن القبض مع قدرته على القبض, فهو من ضمانه, فإن تلف قبل ذلك, فهو من ضمان البائع.
وقال أبو حنيفة والشافعي: ذلك من ضمان البائع.
دليلنا: ما روى أبو بكر بإسناده عن عائشة: أن رجلا اشترى غلامًا, فاستغله زمانًا, ثم أصاب به عيبًا, فخاصمه إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - , فقضى برده, فقال الرجل: يا رسول الله! إنه استغل غلامي, فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (الخراج بالضمان).
فوجه الدلالة: أنه جعل الخراج بالضمان, وخراج المبيع قبل القبض للمبتاع, فكان ضمانه عليه.
فإن قيل: الخبر يقتضي تعليق الخراج بالضمان, وأن من كان الضمان عليه كان الخراج له, ولا يقتضي أن من حصل الخراج له, كان الضمان عليه, وهذا كما يقال: ليس لله نبي إلا صالح, فلا يقتضي أن لا يوجد صالح إلا وهو نبي.
قيل له: الباء للبدل, فقد جعل الخراج بدل الضمان, فلا فرق بين أن يقول: (الضمان بالخراج) , وبين أن يقول: (الخراج بالضمان) , كما أنه لا فرق بين ان يقول: (هذه الألف بهذا الثوب) , وبين أن يقول: (هذا الثوب بهذه الألف) في أن كل واحد منهما بدل عن الآخر.