وهذه الأخبار نصوص في ذلك.
ولأن مواضع السجود على ثلاثة أضرب: أحدها: ذمُّ قومٍ على ترك السجود؛ مثل قوله تعالى: {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} فصلت: ٣٨.
ومدحُ قومٍ على السجود؛ مثل قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ} الأعراف: ٢٠٦.
وأمرُ قومٍ بالسجود؛ نحو قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} الحج: ٧٧، وهذه المعاني موجودة في المفصل؛ لأن قوله تعالى في آخر النجم: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} النجم: ٦٢ أمر.
وقوله تعالى في سورة الانشقاق: {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} الانشقاق: ٢٠، ٢١، ذم القوم على ترك السجود.
وقوله تعالى: {كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} العلق: ١٩ أمر، فيجب أن يكون ذلك من عزائم السجود.
فإن قيل: قوله تعالى: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} النجم: ٦٢ ليس فيه مدح ولا ذم.
قيل له: قد تقدم ذم، وهو قوله تعالى: {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} النجم: ٦١؛ يعني: لاهون (١).
= ومسلم في كتاب: المساجد، باب: سجود التلاوة رقم (٥٧٨).
(١) ينظر: تفسير الطبري (٢٢/ ٩٧)، وتفسير البغوي (٤/ ٣١٩).