فإن قيل: لأنه لو تركها ساهيًا، لم يسجد.
قيل له: عندنا: يسجد؛ ولأن هذا السجود يضاف إلى السهو، فوجب أن يختصه، ألا ترى أن سجود التلاوة لما أضيف إليها، اختص بها؟
فإن قيل: إنما يضاف إليه؛ لأن الغالب أنه يفعله لأجله، لا لأنه مختص به.
قيل له: فقلْ في سجود التلاوة مثلَه.
فإن قيل: سجود التلاوة لا يختص التلاوة، ألا ترى أنه إذا كان مستمعًا للتلاوة، فإنه يسجد لها، وإن لم تكن التلاوة منه؟
قيل له: قد وُجِدتِ التلاوة، لكن من جهة غيره، ولم يشترط وجودها من الساجد.
واحتج المخالف: بأن ما تعلق الجبران بسهوه، فإنه يتعلق بعمده.
دليله: ما يوجب الجبران في الحج.
والجواب: أن الحج آكدُ في هذا الباب من الصلاة، ألا ترى أن ما يوجب الجبران في الحج يستوي حكمُه بعد فساد الإحرام وقبلَه، وما يوجب الجبران في الصلاة يختلف حكمه بعد فساد الصلاة وقبله؟ كذلك يستوي العمد والسهو في الحج، ولا يستوي في الصلاة.
واحتج: بأن السهو أخفُّ حكمًا من العمد، وإذا تعلق الجبران بالسهو، فبالعمد أحرى؛ لأن ترْك المأمور ساهيًا أخفُّ منه عامدًا.