ووجه الثانية: وهي اختيار أبي بكر: إن كل من انفرد بقتله قتلناه فإذا شاركه غيره فيه قتلناه كالأجنبي إذا شارك والداً في قتل ولده ولأن هذا العامد بمنزلة المنفرد بقتله في باب الدية والمأثم فوجب أن يكون كالمنفرد في باب القصاص. ومن قال: بالرواية الأولى أجاب عن مشاركة الأجنبي للأب في أن القصاص يجب على الأجنبي بأنه شارك من زال عنه القود لا لمعنى في فعله فلم يكن ذلك مسقطاً للقود عن شريكه كما لو قتلا رجلاً عمداً فعفى الولي عن أحدهما فإنه لا قود عليه وعلى شريكه القود ويفارق هذا إذا شارك المخطىء لأنه شارك من سقط عنه القصاص لمعنى في فعله فيسقط عن شريكه فهو كما لو جرحه جرحاً خطأ وجرحاً عمداً وسرت الجرحتان إلى النفس فإن القصاص يسقط لأنه شاركه بما يسقط القصاص لمعنى في الفعل كذلك هاهنا.
وإذا قلنا: يسقط القصاص عن العامد فهل يكون نصف الدية في ماله أم على عاقلته. فنقل صالح وعبد الله وأحمد بن سعيد في رجل وصبي قتلا عمداً فعلى الرجل نصف الدية في ماله وعلى عاقلة الصبي نصف الدية.
قال أبو بكر: فيها روايتان: أحدهما: هذا وهو أصح.
والثانية: على عاقلته لأن القود سقط عنه لمعنى في الفعل فكانت الدية على عاقلته كالمخطىء.
ووجه الأول: أن فعله عمد يختص بسقوط القود عنه فلا يوجب تحمل الدية على الغاقلة كالأب إذا قتل ولده فإن القود يسقط والدية في ماله، كذلك هاهنا.
استيفاء القصاص بغير السيف:
١٧ - مسألة: إذا قتله بآلة يجب بها القود وكانت بغير السيف مثل إن حرقه بالنار، أو غرقه، أو خنقه، أو منعه الطعام والشراب، فهل يقتل بمثل ما قتله به أم بالسيف؟
على روايتين: نقل ابن منصور: إذا قتل رجلاً بعصاً أو خنقة أو شدخ رأسه بحجر يقتل بمثل الذي قتل به.
ونقل حرب: إذا قتله بخشبة يقتل بالسيف.