وَحَكَى ابنُ أَبِي مُوْسَى رِوَايَةً أَنَّهُ يُحِبُّ الارْتِجَاعَ إِذَا طَلَّقَ في الحَيْضِ وكبر عَلَيْهِ واخْتَارَهَا، فَإِنْ كَانَتِ الزَّوْجَةُ صَغِيْرَةً أو آيِسَةً أو غَيْرَ مَدْخُولٍ بِهَا أو حَامِلاً (1) قَدِ اسْتَبَانَ حَمْلُهَا فلاَ سُنَّةَ في طَلاَقِهَا ولاَ بِدْعَةَ في أَصَحِّ الرِّوَايَتَيْنِ (2)، وفي الأُخْرَى (3): تُعْتَبَرُ السُّنَّةُ في طَلاَقِهَا في العَدَدِ لاَ في الوَقْتِ.
فَعَلَى هَذَا إِذَا قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَةً للسُّنَّةِ وطَلْقَةً للِبِدْعَةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لاَ بِدْعَةَ لِطَلاَقِهَا ولاَ سُنَّةَ طَلَقَتْ في الحَالِ طَلْقَتَيْنِ، وإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لِطَلاَقِهَا سُنَّة وبِدْعَة وَقَعَ بِهَا طَلْقَةٌ في الحَالِ، فَإِذَا صَارَتْ إِلَى ضِدِّ حَالِهَا التي كَانَتْ عَلَيْهَا وَقَعَتْ بِهَا الأُخْرَى.
فَإِنْ قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ ثَلاَثاً للسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لِطَلاَقِهَا سُنَّة وبِدْعَة، وكَانَتْ حَائِضاً أو في طُهْرٍ جَامَعَهَا فِيْهِ لَمْ يَقَعْ بِهَا في الحَالِ.
فَإِذَا وَجَدَ طُهْراً (4) لَمْ يُجَامِعْهَا فِيْهِ وَقَع الثَّلاَثَ عَلَى مَا اخْتَارَهَا الخِرَقِيُّ (5)، وعَلَى مَا اخْتَارَهُ أَبُو بَكْرٍ (6) إِذَا وَجَدَ الطُّهْرَ طَلَقَتْ واحِدَةً، وتَطْلُقُ الثَّانِيَةَ والثَّالِثَةُ في طُهْرِهِنَّ في نِكَاحَيْنِ، وإِنْ لَمْ يَكُنْ لِطَلاَقِهِمَا سُنَّةٌ ولاَ بِدْعَةٌ لَغَا قَوْلَهُ: للسُّنَّةِ ووَقَعَ بِهَا الثَّلاَثُ في الحَالِ، فَإِنْ قَالَ لَهَا: أَنْتِ طَالِقٌ في كُلِّ قُرْءٍ طَلْقَةٌ، وكَانَتْ مِمَّنْ لِطَلاَقِهَا سُنَّةٌ وبِدْعَةٌ انْبَنَى ذَلِكَ عَلَى أَصْلٍ، وهَلْ الأَقْرَاءُ الحَيْضُ أو الأَطْهَارُ؟
فَإِنْ قُلْنا: الأَقْرَاءُ الحَيْضُ، وَقَعَ في كُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةٌ. وإِنْ قُلْنَا: الأَطْهَارُ، وَقَعَ في كُلِّ طُهْرٍ طَلْقَةٌ. وإِنْ لَمْ تَكُنْ مِمَّنْ لِطَلاَقِهَا سُنَّة وبِدْعَة نَظَرْنَا، فَإِنْ قُلْنَا: الأَقْرَاءُ الحَيْضُ وكَانَتْ حَامِلاً أو حَائِلاً طَاهِراً ولَمْ يُدْخَلْ بِهَا أو آيِسَةً أو صَغِيْرةً لَمْ يَقَعْ بِهَا الطَّلاَقُ في الحَالِ حَتَّى إِذَا وَجَدَ الحَيْضَ مِمَّنْ تَحِيْضُ مِنْهُنَّ وَقَعَ لِكُلِّ حَيْضَةٍ طَلْقَةٌ.
وإِنْ قُلْنَا: الأَقْرَاءُ الأَطْهَارُ وَقَعَتْ بِهَا في الحَالِ طَلْقَةٌ ووَقَعَ في كُلِّ طُهْرٍ تجدد لَهَا بَعْدَ ذَلِكَ، وهيَ عَلَى الزَّوْجِيَّةِ طَلْقَةٌ، فَإِنْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ أحْسَنَ الطَّلاَقَ وأَجْمَلَهُ، فَإِنْ نَوَى أَحْسَنَ أَحْوَالِكِ وأَجْمَلَهَا أَنْ تَكُونِي مُطَلَّقَةٌ، أَو كَانَتْ مِمَّنْ لاَ سُنَّةَ /292 ظ/ ولاَ بِدْعَةَ لِطَلاَقِهَا طلقتْ في الحَالِ، وإِنْ لَمْ يَنْوِ طلقتْ في طُهْرٍ لَمْ يُجَامِعْهَا فِيْهِ، فَإِنْ عَكَسَ فَقَالَ: أَقْبَح الطَّلاَقِ وأَسْمَجَهُ، فَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لاَ سُنَّةَ لِطَلاَقِهَا أو نَوَى أَقْبَحَ أَحْوَالِكِ