الثاني: أن يأتي به بعد إلقائه عليه، فإن بادر به قبل ذلك، لم يعتد به، كما لو حلف قبل أن يستحلفه الحاكم.
الثالث: كمال لفظاته الخمس. فإن نقص منها شيئاً، لم يعتد به لأن الله علق الحكم عليها، فلا يثبت بدونها، ولأنها بينة، فلم يجز النقص من عددها، كالشهادة.
الرابع: الترتيب على ما ورد به الشرع. فإن بدأ بلعان المرأة، لم يعتد به؛ لأنه خلاف ما ورد به الشرع، ولأن لعان الرجل بينة، للإثبات، ولعان المرأة بينة للإنكار، فلم يجز تقديم الإنكار على الإثبات. فإن قدم الرجل اللعنة على شيء من الألفاظ الأربعة، أو المرأة الغضب على شيء منها، لم يعتد بها؛ لأن الله تعالى جعلها الخامسة، فلا يجوز تغييره.
الخامس: الإتيان بصورة الألفاظ الواردة في الشرع، فإن أبدل الشهادة ببعض ألفاظ اليمين، كقوله: أقسم، أو أحلف، أو أولي، أو أبدل لفظة اللعنة بالإبعاد، أو الغضب بالسخط، أو غيره، لم يعتد به؛ لأنه ترك المنصوص، ولأنه موضع ورد الشرع فيه بلفظ الشهادة، فلم يجز إبداله، كالشهادة في الحقوق. وفيه وجه آخر: أنه يجزئ؛ لأن معناهما واحد.
وقال الخرقي: يقول الرجل: أشهد بالله لقد زنت، وليس هذا لفظ النص، فيدل ذلك على أنه لم يشترط اللفظ. وإن أبدلت المرأة لفظة الغضب باللعنة، لم يجز؛ لأن الغضب أغلظ، ولذلك خصت به المرأة؛ لأن المعرة والإثم بزناها أعظم من الحاصل بالقذف. وإن أبدل الرجل اللعنة بالغضب، ففيه وجهان:
أحدهما: لا يجوز، لمخالفته المنصوص.
والثاني: يجوز؛ لأنه أبلغ في المعنى.
السادس: الإشارة من كل واحد إلى صاحبه، إن كان حاضراً. أو تسميته ونسبه بما يتميز به إن كان غائباً، ليحصل التميز عن غيره. وقال الوزير يحيى بن محمد بن هبيرة - رَحِمَهُ اللَّهُ -: الفقهاء يشترطون أن يزاد: فيما رميتها به من الزنا، وفي نفيها عن نفسها: فيما رماني به من الزنا، ولا أراه يحتاج إليه؛ لأن الله تعالى أنزل ذلك وبينه، ولم يذكر هذا، ولم يأت بالخبر في صفة اللعان عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فاشتراطه زيادة.
فصل:
ويشترط في اللعان: العربية لمن يحسنها، ولا يصح بغيرها؛ لأن الشرع ورد به بالعربية، فلم يصح بغيرها، كأذكار الصلاة. وإن لم يحسن العربية، جاز بلسانه؛ لأنه