لعذر، كأداء صلاة حضرت، أو أكل لدفع الجوع، وأشباه هذا من أشغاله، أو للجهل بأن له نفيه، أو بوجوب نفيه على الفور، لم يبطل خياره؛ لأن العادة جارية بتقديم هذه الأمور، والجاهل معذور. وإن ادعى الجهل بذلك قبل منه؛ لأن هذا مما يخفى، إلا أن يكون فقيهاً، فلا يقبل منه؛ لأنه في مظنة العلم.
وإذا أخره لعذر مدة يسيرة، لم يحتج أن يشهد على نفسه، وإن طالت، أشهد على نفسه بنفيه، كالطلب بالشفعة. وإن قال: لم أصدق المخبر وكان الخبر مستفيضاً، أو المخبر مشهور العدالة، لم يقبل قوله.
وإن لم يكن كذلك، قبل. وإن أخر نفي الحمل، لم يسقط نفيه؛ لأنه غير مستحق، وإن استلحقه، لم يلحقه كذلك، إلا على قول أبي بكر. وإن ادعى أنه لم يعلم بالولادة، وأمكن صدقه، فالقول قوله، وإلا فلا. وإن أخر نفيه رجاء موته، ليكفى أمر اللعان، سقط حقه من النفي.
فصل:
الحكم الثالث: الفرقة، وفيها روايتان:
إحداهما: لا تحصل حتى يفرق الحاكم بينهما، لقول ابن عباس في حديثه: ففرق رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهما. وفي حديث عويمر: «أنه قذف زوجته، فتلاعنا عند رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فقال عويمر: كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها، فطلقها ثلاثاً قبل أن يأمره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» . متفق عليه. فدل على أن الفرقة لم تحصل بمجرد اللعان. فعلى هذا، إن طلقها قبل التفريق، لحقها طلاقه، وللحاكم أن يفرق بينهما من غير طلب ذلك منه؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرق بينهما من غير استئذانهما، وعليه أن يفرق بينهما؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فرق بينهما.
والثانية: تحصل الفرقة بمجرد لعانهما؛ لأنه معنى يقتضي التحريم المؤبد، فلم يقف على تفريق الحاكم، كالرضاع. ولأن الفرقة لو وقفت على تفريق الحاكم، لساغ ترك التفريق إذا لم يرضيا به، كالتفريق للعيب، والإعسار، وتفريق النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بينهما بمعنى: أنه أعلمهما بحصول الفرقة باللعان. وعلى كلتا الروايتين، ففرقة اللعان فسخ؛ لأنها فرقة توجب تحريما مؤبداً، فكانت فسخاً، كفرقة الرضاع.
فصل:
الحكم الرابع: التحريم المؤبد يثبت، لما روى سهل بن سعد قال: «مضت السنة