سنذكره، وحكمها حكم ما لو نكلت، ولا لعان بينهما؛ لأن اللعان إنما يكون مع إنكارها، ولا يستحلف إنسان على نفي ما يقر به.
باب ما يلحق من النسب وما لا يلحق. إذا تزوج من يولد لمثله بامرأة، فأتت بولد لستة أشهر فصاعداً بعد إمكان اجتماعهما على الوطء، لحقه نسبه في الظاهر من المذهب، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «الولد للفراش» ولأن مع هذه الشروط، يمكن كونه منه، والنسب مما يحتاط له، ولم يوجد ما يعارضه، فوجب إلحاقه به. وإن اختل شرط مما ذكرنا، لم يلحق به، وانتفى من غير لعان؛ لأن اللعان يمين، واليمين جعلت لتحقيق أحد الجائزين، أو نفي أحد المحتملين. وما لا يجوز، لا يحتاج إلى نفيه.
فصل:
وأقل سن يولد لمثله في حق الرجل عشر سنين، لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مروهم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع» رواه أبو داود.
وقال القاضي: تسع سنين وأقل مدة الحمل؛ لأن الجارية يولد لها كذلك، فكذلك الغلام. وقال أبو بكر: لا يلحق به الولد حتى يبلغ. قال ابن عقيل: هو أصح؛ لأن من لا ينزل الماء لا يكون منه ولد. وهذا ليس بسديد؛ لأنهم إن أرادوا بالبلوغ بلوغ خمس عشرة، فهو باطل؛ لأنه يولد له لدون ذلك.
وقد روي أنه لم يكن بين عمرو بن العاص وبين ابنه عبد الله إلا اثنتا عشرة سنة. وإن أرادوا الإنزال فيما يعلم، فلابد من ضبطه بأمر ظاهر. وإذا ولدت امرأة غلام، سنه دون ذلك، لم يلحق به، ومن كان مجبوباً مقطوع الذكر والأنثيين، لم يلحق به نسب؛ لأنه لا ينزل مع قطعهما.
وإن قطع أحدهما، فقال أصحابنا: يلحق به النسب؛ لأنه إذا بقي الذكر أولج فأنزل. وإن بقيت الأنثيان، ساحق فأنزل. والصحيح أن مقطوع الأنثيين لا يحلق به نسب؛ لأنه لا ينزل إلا ماء رقيقاً لا يخلق منه ولد، ولا تنقضي به شهوة، فأشبه مقطوع الذكر والأنثيين.
وإن لم يمكن اجتماع الزوجين على الوطء، بأن يطلقهما عقيب تزويجه بها، أو كان بينهما مسافة لا