لحقه نسب ولدها، ولم يحل له نفيه، لما روى أبو هريرة: أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال حين نزلت آية الملاعنة: «أيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليها، احتجب الله عنه، وفضحه على رؤوس الأولين والآخرين» . أخرجه أبو داود، وإن علم أنه من غيره، مثل أن يراها تزني في طهر لم يصبها فيه، فاجتنبها حتى ولدت، لزمه قذفها ونفي ولدها؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال في الحديث: «وأيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم، فليست من الله في شيء، ولن يدخلها الله جنته» .
فلما حرم عليها أن تُدخل عليهم نسباً ليس منهم، دل على أن الرجل مثله؛ ولأنه إذا لم ينفه، زاحم ولده في حقوقهم، ونظر إلى حرمه، بحكم أنه محرم لهن. وإن لم يرها تزني، لكن علم أن الولد من غيره، لكونه لم يصبها لزمه نفي ولدها كذلك.
وليس له قذفها، لاحتمال أن تكون مكرهة، أو موطوءة بشبهة وإن كان يطؤها ويعزل، لم يكن له نفي ولدها، لما روى أبو سعيد الخدري قال: «قالوا لرسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: إنا نصيب النساء ونحب الأثمان فنعزل عنهن، فقال: إن الله إذا قضى خَلْق نسمة خلقها» ولأنه قد يسبق من الماء ما لا يحس به فتعلق منه.
وإن كان يجامعها دون الفرج، أو في الدبر، فقال أصحابنا: ليس له نفيه؛ لأنه قد يسبق من الماء إلى الفرج ما لا تحس به.
فصل:
وإن ولدت امرأته غلاماً أسود وهما أبيضان، أو أبيض وهما أسودان، لم يجز له نفيه. ذكره ابن حامد لما روى أبو هريرة قال: «جاء رجل إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إن امرأتي جاءت بولد أسود، يعرض بنفيه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: هل لك من إبل، قال: نعم قال: فما ألوانها؟ قال: حمر. قال: هل فيها من أورق؟ قال: إن فيها لورقاً قال: فأنى أتاها ذلك؟! قال: عسى أن يكون نزعة عرق. قال: وهذا عسى أن يكون نزعه عرق» .
قال: ولم يرخص له في الانتفاء منه. متفق عليه. ولأن دلالة ولادته على فراشه قوية، ودلالة الشبهة ضعيفة، فلا يجوز معارضة القوي بالضعيف. ولذلك «لما اختلف عبد بن زمعة، وسعد بن أبي وقاص في غلام. فقال سعد: هذا يا رسول الله ابن