فقال: فوق هذا وأتي بسوط جديد لم تكسر ثمرته، فقال: بين هذين.» رواه مالك عن زيد بن أسلم مرسلاً. وقال علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: ضرب بين ضربين، وسوط بين سوطين، وهكذا الضرب يكون وسطاً، لا شديد فيقتل، ولا ضعيف فلا يردع، ولا يرفع باعه كل الرفع، ولا يحطه كل الحط، قال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: لا يبدي إبطه في شيء من الحدود. يعني: لا يبالغ في رفع يده؛ لأن المقصود أدبه، لا قتله.
باب التعزيروهو مشروع في كل معصية لا حد فيها ولا كفارة، كوطء جاريته المشتركة، أو المزوجة، ومباشرة الأجنبية فيما دون الفرج، وسرقة ما لا يوجب الحد، والجناية بما لا يوجب القصاص ونحوه؛ لما روي عن علي - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، أنه سئل عن قول الرجل للرجل: يا فاسق، يا خبيث. قال: هن فواحش، فيهن تعزير، ليس فيهن حد. ويجوز بالضرب، وبالحبس، والتوبيخ. ولا يجوز قطع شيء من أعضائه، ولا جرحه؛ لأنه لم يرد الشرع بذلك، ولا يتعين الجلد، إلا في وضعين:
أحدهما: إذا وطئ جارية زوجته بإذنها، فإنه يجلد مائة؛ لما ذكرنا من حديث النعمان بن بشير.
والثاني: إذا وطئ الأمة المشتركة، فإنه يجلد مائة إلا سوطاً؛ لما روى سعيد بن المسيب عن عمر في أمة بين رجلين وطئها أحدهما يجلد الحد إلا سوطاً، ولا تقدير فيما عداهما، إلا أنه لا يزاد على عشر جلدات؛ لما روى أبو بردة قال: «سمعت رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يقول: ولا يجلد أحد فوق عشرة أسواط إلا في حد من حدود الله» متفق عليه.
وعنه: أن وطء الجارية المشتركة، لا يزاد فيه على عشر جلدات، للخبر. وعنه: ما يدل على أن ما كان سببه الوطء يجلد مائة إلا سوطاً؛ لخبر عمر. وما كان سببه غير الوطء، لم يبلغ به أدنى الحدود، فلا يعزر الحر بما يجلد به في الخمر، ولا يبلغ بالعبد حده؛ لما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «من بلغ حداً في غير حد، فهو من المعتدين»
فصل
ويجب التعزير في الموضعين اللذين ورد الخبر فيهما، وما عداهما يفوض إلى اجتهاد الإمام؛ لما «روي أن رجلاً أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: إني لقيت امرأة، فأصبت منها