{وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} النور: 31
قال ابن عباس: وجهها وكفيها، ولأنه يحرم ستر الوجه في الإحرام، وستر الكفين بالقفازين، ولو كانا عورة، لم يحرم سترهما.
والثانية: أن الكفين عورة لأن المشقة لا تلحق في سترهما فأشبها سائر بدنها، وما عدا هذا عورة؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يقبل الله صلاة حائض إلا بخمار» وعن أم سلمة قالت: «يا رسول الله تصلي المرأة في درع وخمار وليس عليها إزار؟ فقال: نعم إذا كان سابغاً يغطي ظهور قدميها» رواه أبو داود.
فصل:
وما يظهر غالباً من الأمة، كالرأس واليدين إلى المرفقين والرجلين إلى الركبتين، ليس بعورة، لأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - نهى الأمة عن التقنع والتشبه بالحرائر، قال القاضي في الجامع: وما عدا ذلك عورة، لأنه لا يظهر غالباً، أشبه ما تحت السرة.
وقال ابن حامد: عورتها كعورة الرجل، لما روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا زوج أحدكم أمته عبده أو أجيره فلا ينظر إلى شيء من عورته، فإن ما تحت السرة إلى الركبة عورة يريد عورة الأمة» ، رواه الدارقطني. ولأنه من لم يكن رأسه عورة لم يكن صدره عورة، كالرجل والمدبرة والمعلق عتقها بصفة كالقن، لأنهما مثلها في البيع وغيره. وأم الولد والمعتق بعضها كذلك، لأن الرق باق فيهما إلا أنه يستحب لهما التستر، لما فيهما من شبه الأحرار.
وعنه: أنها كالحرة لذلك.
وعورة الخنثى المشكل كعورة الرجل، لأن الأصل عدم وجوب الستر، فلا نوجبه بالشك، وإن قلنا: العورة الفرجان، لزمه ستر قبله وذكره، لأن أحدهما واجب الستر، ولا يتيقن ستره إلا بسترهما.
فصل:
وإن انكشف من العورة شيء يسير عفي عنه، لأن اليسير يشق التحرز منه. وإن كثر بطلت الصلاة به، لأن التحرز منه ممكن، وإن أطارت الريح ثوبه عن عورته، فأعاده بسرعة، لم تبطل صلاته، لأنه يسير فأشبه اليسير في العورة.