فصل:
ثم يركع وهو الركن الرابع، لقول الله تعالى: {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} الحج: 77 ويكبر للركوع، لما روى أبو هريرة أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كان إذا قام إلى الصلاة كبر حين يقوم، ثم يكبر حين يركع، ثم يكبر حين يسجد، ثم يكبر حين يرفع رأسه، يفعل ذلك في صلاته كلها» ، رواه البخاري. وفي هذه التكبيرات روايتان:
إحداهما: أنها واجبة، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يفعلها، وقد قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» متفق عليه. ولأن الهوي إلى الركوع فعل، فلم يخل من ذكر واجب، كالقيام.
والثانية: لا يجب، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يعلمها المسيء في صلاته، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة. ويستحب أن يرفع يديه مع التكبير لحديث ابن عمر، وقدر الإجزاء: الانحناء حتى يمكنه مس ركبتيه بيديه، لأنه لا يسمى راكعاً بدونه.
ويجب أن يطمئن راكعاً وهو الركن الخامس، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - للمسيء في صلاته: «ثم اركع حتى تطمئن راكعاً» متفق عليه. ويستحب أن يضع يديه على ركبتيه، قابضاً لهما، ويسوي ظهره، ولا يرفع رأسه، ولا يخفضه، ويجافي يديه على جنبيه، لما روى أبو حميد أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «كان إذا ركع أمكن يديه من ركبتيه، ثم هصر ظهره» ، وفي لفظ: «ركع ثم اعتدل، فلم يصوب رأسه ولم يقنع» . وفي رواية: «ووضع يديه على ركبتيه كأنه قابض عليهما، ووتر يديه، فنحاهما عن جنبيه» . حديث صحيح.
فصل:
ثم يقول: سبحان ربي العظيم، وفيه روايتان:
إحداهما: يجب، لما روى عقبة بن عامر أنه «لما نزل: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} الواقعة: 74 قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: اجعلوها في ركوعكم فلما نزل: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى} الأعلى: 1 قال: اجعلوها في سجودكم رواه» أبو داود. ولأنه فعل في الصلاة، فلم يخل من ذكر واجب، كالقيام.
والثانية: ليس بواجب، لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يعلمه المسيء في صلاته، وأدنى الكمال ثلاث، لما روى ابن مسعود أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «إذا ركع أحدكم فليقل: سبحان ربي