عنهما: استصرخ علي سعيد بن زيد، وقد تجهز للجمعة، فذهب إليه وتركها.
فأما الأعمى فلا يعذر إذا أمكنه الحضور؛ لما روى أبو هريرة قال: «أتى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجل أعمى فقال: يا رسول الله، ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فسأله أن يرخص له، فرخص له، فلما ولى دعاه، فقال: أتسمع النداء بالصلاة، قال: نعم، قال: فأجب» رواه مسلم.
فصل:
ومن شرط صحة الجماعة أن ينوي الإمام والمأموم حالهما، فإن نوى أحدهما دون صاحبه لم تصح؛ لأن الجماعة إنما انعقدت بالنية، فيعتبر وجودها منهما، وإن نوى كل واحد منهما أنه إمام صاحبه لم يصح؛ لأنه لا مأموم له، وإن نوى كل واحد منهما أنه مأموم لم يصح؛ لأنه لا إمام له، وإن نوى أن يأتم بأحد الإمامين لا بعينه لم يصح؛ لأنه لا يمكنه اتباعه، وإن نوى الائتمام بهما لم يصح لذلك، وإن نوى الائتمام بالمأموم أو المنفرد لم يصح؛ لأنه ليس بإمام.
فصل:
فإن أحرم على صفة، ثم انتقل عنها، ففيه ست مسائل:
إحداهن: أحرم منفردًا، ثم جاء إنسان فأحرم معه، فنوى إمامته، فيجوز في النفل؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قام يصلي في التهجد، فجاء ابن عباس فأحرم معه، فصلى به النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -» متفق عليه.
وإن كان في فرض وكان يرجو مجيء من يصلي معه، جاز أيضًا، نص عليه؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أحرم بالصلاة وحده، فجاء جابر وجبار فصلى بهما» رواه أبو داود. وإن لم يكن كذلك؛ فعن أحمد لا يجزئه؛ لأنه لم ينو الإمامة في ابتداء الصلاة، وعنه ما يدل على الإجزاء؛ لأنه يصح في النفل والفرض في معناه.
الثانية: أحرم منفردًا فحضرت جماعة، فأحب أن يصلي معهم، فقال أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: أحب إلي أن يقطع الصلاة، ويدخل مع الإمام، فإن لم يفعل ودخل معهم ففيه روايتان:
إحداهما: لا يجزئه؛ لأنه لم ينو الائتمام في ابتداء الصلاة.
والثانية: يجزئه لأنه لما جاز أن يجعل نفسه إمامًا، جاز أن يجعلها مأمومًا.
الثالثة: أحرم مأمومًا، ثم نوى الانفراد لعذر جاز، نحو أن يطول الإمام، أو تفسد