صلاته؛ لأنه سبق يسير لا يمكن التحرز منه، فإن ركع ورفع قبل أن يركع إمامه، وسجد قبل رفعه عمدًا عالمًا بتحريمه بطلت صلاته؛ لأنه لم يأتم بإمامه في معظم الركعة، وإن كان جاهلًا أو ناسيًا لم تبطل صلاته للعذر، ولم يعتد بتلك الركعة لما ذكرنا، فإن ركع قبله فلما ركع رفع، ففي بطلان الصلاة لعمد ذلك والاعتداد بالركعة مع جهله ونسيانه وجهان. فإن ركع الإمام، ورفع قبل ركوع المأموم عمدًا، بطلت صلاته، لتركه المتابعة، وإن كان لنوم أو غفلة ونحو ذلك لم تبطل؛ لأنه سبق يسير، ويركع ثم يدركه، فإن سبقه بأكثر من ذلك لعذر ففيه وجهان:
أحدهما: يفعله ويلحق، كالمزحوم في الجمعة.
والثاني: تبطل الركعة؛ لأنها مفارقة كثيرة.
باب صفة الأئمةالكلام فيها في ثلاثة أمور:
أحدها: صحة الإمامة: والناس فيها على خمسة أقسام:
أحدها: من تصح إمامته بكل حال، وهو الرجل المسلم العدل القائم بأركان الصلاة وشرائطها، فتصح إمامته وإن كان عبدًا؛ لأن أبا ذر، وابن مسعود، وحذيفة، وناسًا من أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قدموا أبا سعيد مملوكًا لأبي أسيد فصلى بهم، ولأنه من أهل الأذان لهم، فأشبه الحر، وتصح إمامة الأعمى؛ لأن «النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كان يستخلف ابن أم مكتوم يؤم الناس وهو أعمى» رواه أبو داود.
ولأن الأعمى فقد حاسة فأشبه فقد الشم، وتصح إمامة الأصم لذلك، فإن كان أصم أعمى فقال بعض أصحابنا: لا تصح إمامته؛ لأنه قد يسهو فلا يمكن تنبيهه، والأولى صحتها؛ لأنه لا يخل بشيء من واجبات الصلاة، والسهو عارض لا يبطل الصلاة احتمال وجوده كالجهل بحكم السجود، وتصح إمامة ولد الزنا، والجندي، والخصي، والأعرابي، إذا سلموا في دينهم؛ لدخولهم في عموم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «يؤم القوم أقرؤهم» وتصح إمامة المتيمم بالمتوضئ؛ «لأن عمرو بن العاص صلى بأصحابه متيممًا، وأخبر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فضحك، ولم ينكر عليه» ؛ لأن طهارته صحيحة أشبه الماسح.
فصل:
القسم الثاني: من لا تصح إمامته؛ وهم نوعان:
أحدهما: من لا تصح صلاته لنفسه كالكافر والمجنون، ومن أخل بشرط أو واجب