وروى مهنا عن أحمد: فيمن وقف أرضاً أو غنماً في السبيل لا زكاة عليه ولا عشر، هذا في السبيل.
إنما يكون ذلك إذا جعله في قرابته، وهذا يدل على إيجاب الزكاة فيه إذا كان لمعين؛ لعموم قوله - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «في كل أربعين شاة شاة» .
ولا تجب في حصة المضارب من الربح قبل القسمة؛ لأنه لا يملكها على رواية، وعلى روية يملكها ملكاً ناقصاً غير مستقر؛ لأنها وقاية لرأس المال، ولا يختص المضارب بنمائها.
واختار أبو الخطاب أنها جائزة في حول الزكاة لثبوت الملك فيها، وفي المغصوب والضالّ. والدين على من لا يمكن استيفاؤه منه لإعسار أو جحد أو مطل روايتان:
إحداهما: لا زكاة فيه؛ لأنه خارج عن يده وتصرفه، أشبه دين الكتابة، ولأنه غير تام أشبه الحلي.
والثانية: فيه الزكاة؛ لأن الملك فيه مستقر، ويملك المطالبة به فوجبت الزكاة فيه كالدين على مليء، ولا خلاف في وجوب الزكاة في الدين الممكن استيفاؤه. ولا يلزمه الإخراج حتى يقبضه، فيؤدي لما مضى؛ لأن الزكاة مواساة وليس في المواساة إخراج زكاة مال لم يقبضه. وظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه لا فرق بين الحالّ والمؤجل؛ لأن المؤجل مملوك له تصح الحوالة به، والبراءة منه.
ولو أجر داره سنين بأجرة ملكها من حين العقد، وجرت في حول الزكاة، وحكمها حكم الدين، وحكم الصداق على الزوج حكم الدين على الموسر والمعسر؛ لأنه دين، وسواء في هذا قبل الدخول أو بعده؛ لأنها مالكة له.
فأما إن أسر رب المال وحِيلَ بينه وبين ماله، أو نسي المودع لمن أودع ماله، فعليه فيه الزكاة؛ لأن تصرفه في ماله نافذ، ولهذا لو باع الأسير ماله أو وهبه صح. وإذا حصل الضال في يد ملتقط فهو في حول التعريف على ما ذكرناه، وفيما بعده يملكه الملتقط، فزكاته عليه دون ربه، ويحتمل أن لا تلزمه زكاته، ذكره ابن عقيل؛ لأن ملكه غير مستقر؛ إذ لمالكه انتزاعه منه عند مجيئه، والأول أصح؛ لأن الزكاة تجب في الصداق قبل الدخول، وفي المال الموهوب للابن مع جواز الاسترجاع.
فإن أبرأت المرأة زوجها من صداقها عليه، أو أبرأ الغريم غريمه من دينه ففيه روايتان:
إحداهما: على المبرئ زكاة ما مضى؛ لأنه تصرف فيه، أشبه ما لو أحال به أو قبضه.