فصل:
ولا يجوز بيع الأعيان من غير رؤية أو صفة يحصل بها معرفة المبيع في ظاهر المذهب، لحديث أبي هريرة، ولأنه مجهول عند العاقد، فلم يصح بيعه، كالنوى في التمر، فعلى هذا يشترط رؤية ما هو مقصود بالبيع، كداخل الثوب، وشعر الجارية. وعنه: يجوز لأنه عقد معاوضة، فأشبه النكاح، فعلى هذا هل يثبت له خيار الرؤية؟ فيه روايتان:
إحداهما: لا خيار له لأنه عقد معاوضة صح من الغيبة، فأشبه النكاح.
والثانية: يثبت له الخيار عند الرؤية في الفسخ والإمضاء، لأنه يروى عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال «من اشترى ما لم يره فهو بالخيار إذا رآه» ويكون خياره على الفور، للحديث، وقيل: يتقيد بالمجلس، لأنه خيار ثابت بمقتضى العقد، فتقيد بالمجلس، كخيار المجلس، فإن اختار إمضاء العقد قبل الرؤية لم يلزم، لأنه تعلق بالرؤية، ولأنه يؤدي إلى إلزام العقد في مجهول الصفة. وإن اختار الفسخ انفسخ، لأن الفسخ يصح في مجهول الصفة، ويعتبر لصحة العقد الرؤية من المتعاقدين جميعاً، لأن الرضا معتبر منهما، فتعتبر الرؤية التي هي مظنة له منهما جميعاً.
فصل:
فإن رأيا المبيع، ثم عقدا بعد ذلك بزمن لا تتغير العين فيه صح في صحيح المذهب.
وعنه: لا يصح، لأن ما كان شرطاً يعتبر وجوده حال العقد كالشاهدة في النكاح.
ولنا أنه معلوم عندهما، أشبه ما لو شاهداه حال العقد، أو اشترى منه داراً كبيرة، وهو في طرفها، والشرط العلم، وهو مقارن للعقد، ثم إن وجد المبيع لم يتغير لزم، وإن وجده ناقصاً فله الخيار لأن ذلك كالعيب، وإن اختلفا في التغيير فالقول قول المشتري، لأن الثمن يلزمه، فلا يلزمه إلا ما اعترف به. وإن عقدا بعد الرؤية بزمن يفسد فيه ظاهراً، لم يصح لأنه غير معلوم. وإن احتمل الأمرين، ولم يظهر التغير فالعقد صحيح، لأنه الأصل سلامته.
فصل:
ويصح البيع بالصفة في صحيح المذهب إذا ذكر أوصاف السلم، لأنه لما عدمت المشاهدة للمبيع وجب استقصاء صفاته كالسلم، وإذا وجد على الصفة لزم العقد، وإن وجده على خلافها فله الفسخ، فإن اختلفا في التغير فالقول قول المشتري لما ذكرناه.