اتفقا عليه من مساواة، أو تفاضل، ويبيعان فما رزق الله تعالى من الربح، فهو بينهما على ما اتفقا عليه، فهو جائز، سواء عين أحدهما لصاحبه ما يشتريه، أو قال: ما اشتريت من شيء فهو بيننا، نص عليه، والربح بينهما على ما اشترطاه، وقال القاضي: الربح بينهما على قدر ملكيهما في المشترى، ولنا أنهما شريكان في المال فجاز تفاضلهما في الربح، مع تساويهما في الملك.
كشركي العنان، والوضيعة على قدر ملكيهما في المشترى؛ لأنه رأس المال، ومبناها على الوكالة؛ لأن كل واحد منهما وكيل صاحبه فيما يشتريه ويبيعه، وحكمهما في جواز ما يجوز لكل واحد منهما، أو يمنع منه حكم شركة العنان.
فصل:
الضرب الرابع: شركة المفاوضة، وهو أن يشتركا في كل شيء يملكانه، وما يلزم كل واحد منهما من ضمان غصب، أو جناية أو تفريط، وفي ما يجدان من ركاز أو لقطة، فلا يصح؛ لأنه يكثر فيها الغرر، ولأنها لا تصح بين المسلم والكافر، فلا تصح بين المسلمين، كسائر العقود المنهي عنها، ولأنه يدخل فيها أكساب غير معتادة، وحصول ذلك وهم لا يتعلق به حكم.
باب المضاربةوهو أن يدفع إنسان ماله إلى آخر يتجر فيه، والربح بينهما، وهي جائزة بالإجماع، يروى إباحتها عن عمر وعلي وابن مسعود وحكيم بن حزام - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - في قصص مشتهرة، ولا مخالف لهم فيكون إجماعاً، وتسمى مضاربة وقراضاً، وتنعقد بلفظهما، وبكل ما يؤدي معناهما؛ لأن القصد المعنى، فجاز بما دل عليه كالوكالة، وحكمها حكم شركة العنان في جوازها وانفساخها، وفي ما يكون رأس المال فيها، وما لا يكون، وما يملكه العالم، وما يمنع منه، وكون الربح بينهما على ما شرطاه؛ لأنها شركة، فيثبت فيها ذلك، كشركة العنان.
فصل:
ويشترط تقدير نصيب العامل، ونصيب كل واحد من الشريكين في الشركة بجزء مشاع؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عامل أهل خيبر بشطر ما يخرج منها، والمضاربة في معناها.
فإن قال: خذه مضاربة والربح بيننا، صح وهو بينهما نصفين؛ لأنه أضافه إليهما إضافة واحدة من غير ترجيح لأحدهما، فاقتضى التسوية، كقوله: هذه الدار بيني وبينك، وإن قال: على أن لك ثلث الربح، صح، والباقي لرب المال؛ لأنه يستحقه، لكونه نماء