فيما أذن فيه؛ لأن تصرفه بالإذن فلم يملك إلا ما دخل فيه، كالوكيل.
فإن عين له نوعاً أو قدراً، لم يملك التجارة في غيره، وإن أذن له في التجارة مطلقاً، جاز ولم يكن له أن يؤجر نفسه ولا يتوكل؛ لأنه عقد على نفسه فلم يملكه، كبيع نفسه وتزوجه، ولا ينصرف إلا على النظر والاحتياط كالمضارب؛ لأن إطلاق الإذن يحمل على العرف، وهو ما قلناه، ولا يبطل الإذن الإباق؛ لأنه لا يمنع ابتداء الإذن فلا يقطع استدامته كما لو غصبه غاصب.
فصل:
ولا يجوز تبرع المأذون له بالدراهم والكسوة؛ لأنه ليس بتجارة ولا من توابعها، فلم يدخل في الإذن فيها، وتجوز هديته المأكول، واتخاذ الدعوة وإعارة دابته ما لم يسرف لما «روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه كان يجيب دعوة المملوك» ولأن العادة جارية به بين التجار، فجاز، كصدقة المرأة بالكسرة من بيت زوجها.
فصل:
وما كسب العبد من المباح، أو وهب له فقبله، ملكه مولاه؛ لأنه كسب ماله فملكه، كصيد فهده، وإن ملكه سيده مالاً، ملكه؛ لقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من باع وله مال، فماله للبائع» ولأنه يملك البضع فملك المال، كالحر، وعنه: لا يملك؛ لأنه مال فلم يملك المال كالبهيمة.
فإن ملكه سيده جارية لم يملك وطأها قبل الإذن فيه؛ لأن ملكه غير تام، فإن أذن له فيه، ملكه.
قال أبو بكر: على كلتا الروايتين؛ لأنه يملك الاستمتاع بالنكاح، فملكه بالشراء كالحر، وقال القاضي: بل هذا بناء على الرواية التي يملك المال، ولا يملك ذلك على الأخرى؛ لقول الله تعالى: {إِلا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ} المؤمنون: 6 وإن لزمته كفارة، فكفارته الصيام لا غير إن لم يأذن له سيده في التكفير بالمال، وإن أذن له فيه، انبنى على الروايتين في ملكه.
فإن قلنا: لا يملك، لم يكفر بغير الصيام، وإن قلنا: يملك، فله التكفير بالإطعام والكسوة، وفي العتق وجهان: أحدهما: يملكه، قياساً على الإطعام والكسوة.
والثاني، لا يملكه؛ لأنه يتضمن الولاء، والعبد ليس من أهله.
فعلى الأول إن أذن له في التكفير بإعتاق نفسه فهل يجزئه؟ على وجهين، والله تعالى أعلم.