عمر، ولأنه لا نسب بينهما، ولا ملك فأشبه الأجنبي. وإن تعذر الإنفاق عليه من بيت المال، فعلى من علم حاله الإنفاق عليه فرض كفاية؛ لأن به بقاءه فوجب، كإنقاذ الغريق، فإن اقترض الحاكم ما أنفق عليه، ثم بان رقيقًا، أو له أب موسر، رجع عليه؛ لأنه أدى الواجب عنه، فإن لم يظهر له أحد، وفي من بيت المال.
فصل:
فإن كان الملتقط أمينًا حرًا مسلمًا، أقر في يده؛ لحديث عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، ولأنه لا بد له من كافل، والملتقط أحق للسبق، وفي الإشهاد عليه وجهان:
أحدهما: لا يجب، كما لا يجب في اللقطة.
والثاني: يجب؛ لأن القصد به حفظ النسب والحرية فوجب، كالإشهاد في النكاح، وإن التقطه فاسق، نزع منه؛ لأنه ليس في حفظه إلا الولاية، ولا ولاية لفاسق. قال القاضي: هذا المذهب، وظاهر قول الخرقي، أنه يُقَرّ في يده؛ لقوله: إن لم يكن من وجد اللقيط أمينًا منع من السفر به. فعلى هذا يضم إليه أمين يشارفه، ويشهد عليه، ويشيع أمره، لينحفظ بذلك، وليس لكافر التقاط محكوم بإسلامه؛ لأنه لا ولاية لكافر على مسلم، فإن التقطه، نزع منه، وله التقاط المحكوم بكفره، ويقر في يده؛ لثبوت ولايته عليه، وليس للعبد الالتقاط إلا بإذن سيده، فتكون الولاية للسيد، والعبد نائب عنه.
فصٍٍل: فإن أراد الملتقط السفر به، وهو ممن لم تختبر أمانته في الباطن، نزع منه؛ لأنه ما لا يؤمن أن يدعي رقه. وإن علمت أمانته باطنًا فأراد نقله من الحضر إلى البدو، منع منه؛ لأنه ينقله إلى العيش في الشقاء ومواضع الجفاء. وإن أراد النقلة إلى بلد آخر يقيم فيه، ففيه وجهان:
أحدهما: يقر في يده لأنهما سواء فيما ذكرنا.
والثاني: يمنع منه؛ لأن بقاءه في بلده أرجى لظهور نسبه، وإن كان اللقيط في بدو، فله نقله إلى الحضر؛ لأنه أرفق به، وله الإقامة به في البدو. وفي حلة لا تنتقل عن مكانها؛ لأن الحلة كالقرية، وإن كان متنقلًا، ففيه وجهان:
أحدهما: يقر في يده؛ لأنه أرجى لكشف نسبه.
والثاني: ينزع منه؛ لأنه يشقى بالتنقل.