- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، واحتج بما روى حجر المدري: «أن في صدقة رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أن يأكل أهله بالمعروف غير المنكر» ، ولأن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال في وقفه: لا جناح على من وليها أن يأكل منها أو يطعم صديقًا، وكان الوقف في يده إلى أن مات، ولأنه لو وقف وقفًا عامًا، كالسقاية والمسجد، لكان له أن ينتفع منه، كذلك إذا خصه بانتفاعه.
فصل
وإن وقف على نفسه ثم على أولاده، ففيه روايتان:
إحداهما: لا يصح؛ لأن الوقف تمليك، فلم يصح أن يملك نفسه به كالبيع.
والثانية: يصح؛ لأنه لما جاز أن يشترط لنفسه منه شيئًا، جاز أن يختص به أيام حياته كالوصية.
فصل
ولا يكون الوقف، إلا على سبيل غير منقطع: كالفقراء، والمساكين، وطلبة العلم، والمساجد، أو على رجل بعينه، ثم على ما لا ينقطع، فإن وقفه على رجل بعينه وسكت، صح وكان مؤبدًا؛ لأن مقتضاه التأبيد، فحمل فيما سماه على ما شرطه، وفيما سكت عنه على مقتضاه، ويصير كأنه وقف مؤبد، أو قدم المسمى على غيره. فإذا انقرض المسمى صرف إلى أقارب الواقف؛ لأنهم أحق الناس بصدقته، بدليل قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صدقتك على غير رحمك صدقة، وصدقتك على رحمك صدقة وصلة» .
وعنه: أنه يرجع إلى المساكين؛ لأنها مصارف الصدقات المفروضات، كالزكوات والكفارات.
والأول: ظاهر المذهب، وظاهر كلام أحمد - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - والخرقي: أنه يرجع إلى الأغنياء، والفقراء من أقاربه؛ لأن الوقف يستوي فيه الغني والفقير، ويحتمل أن يختص الفقراء؛ لأنهم مصرف الصدقات، ويرجع إلى جميع الورثة في إحدى الروايتين؛ لأنه يصرف إليهم ماله عند موته.
والثانية: يرجع إلى أقرب عصبة الواقف؛ لأنه مصرف ولاء معتقه، وعليهم عقله، فخصوا بهذا، ويكون وقفًا على من رجع إليه؛ لأنه إنما صرف إليهم بوقف مالكه له، والوقف يقتضي التأبيد، فإذا انقرضوا رجع إلى المساكين، وإن لم يكن له أقارب رجع إلى المساكين ليعيلهم، ولو جعل الانتهاء مما لا يجوز الوقف عليه فقال: وقفت على أولادي، ثم على البيع، فحكمه حكم ما لم يسم له انتهاء؛ لأن ذكر ما لا يجوز كعدمه. وإن قال: وقفت داري ولم يذكر سبلها، صح في قياس المذهب؛ لأنه إزالة ملك على