وأيضا: فلا سبيل له إلى إثبات الدين للغائب في ذمته إلا بقبوله، كما لا يصح تمليكه الأعيان إلا بقبوله، وإن كان متبرعا بها كالهبة، والصدقة، ونحوها، فمن حيث اقتضى قبولا من المضمون له، وجب أن يتعلق على المجلس، كما تعلق قبول الهبة ونحوها.
وأيضا: فلو قضاه إياه بغير ضمان متبرعا به، لم يصح قضاؤه له إلا بقبوله، فالضمان أولى بذلك، ولا خلاف في القضاء أنه لا يصح إلا بقبوله، وأن له أن يمتنع منه إذا لم يكن كفيلا، قد ذكره محمد في كتاب الحوالة والكفالة.
*ووجه قول أبي يوسف: أنه جعل خطاب الضمين المطلوب عقدا واقعا موقوفا على قبول الغائب، كما قال في عقد النكاح إذا عقده واحد على الزوجين، أن يكون موقوفا على قبول الزوجين.
*وأما وجه قول أبي حنيفة في إجازته كفالة الوارث عن الميت لغرمائه في مرضه: فهو أن حق الورثة يثبت بالمرض في مال المريض، فيصير حال المرض كحال الموت فيما يتعلق به من حق الورثة.
ألا ترى أن هبته تكون من الثلث، كأنها وصية أوصى بها بعد الموت، فلما كان ذلك، وكانت الورثة إنما يخلفون الميت في ملكه، ويقومون في مقامه، بدلالة أنهم يردون بالعيب على بيع الميت: جاز ضمانهم، وقاموا فيه مقام الميت.
*قال: (والحوالة بمنزلة الكفالة في القبول).
على ما قدمنا؛ للعلة التي ذكرناها في الكفالة.
مسألة: إبراء الطالب المطلوب براءة للكفيل أيضا
قال أبو جعفر: (وإذا أبرأ الطالب المطلوب من المال الذي كفل له