ألا ترى أن هذه العين كانت ملكا للغريم قبل تسليمها إلى الحاضر، فإذا ملكها إياه على أنها نصيبه، كانت ملكا له، ولصاحبه حق الشركة، لامتناع جواز قسمة الدين.
وكان شيخنا أبو الحسن رحمه الله يحكي عن محمد أنه قال: قول أبي حنيفة في هذه المسألة أقيس، وقول أبي يوسف أوسع.
مسألة: ضمان وديعة أودعها المودع آخر، فضاعت
قال أبو جعفر:"ومن استودع رجلا وديعة، فأودعها المودع رجلا آخر، فضاعت منه: فإن لصاحبها أن يضمنها المودع الأول، وليس له أن يضمنها المستودع الثاني في قول أبي حنيفة.
وقال أبو يوسف ومحمد: يضمنها أيهما شاء، فإن ضمن الأول: لم يرجع على الثاني، وإن ضمن الثاني: رجع على الأول".
وجه قول أبي حنيفة: أن قبض الثاني واقع للأول، بدلالة أن ما يلحقه به من الضمان يرجع به عليه، ولا يجوز أن يتعلق بقبض واحد ضمان على اثنين، وذلك لأن الضمان سبب يتعلق به حكم التمليك، فلا جائز تعلق هذا المعنى على اثنين بقبض واحد، كما لا يجوز أن يتعلق بعقد واحد حكم الملك لاثنين في جميع المعقود عليه.
وليس هذا كالغاصب إذا أودع، فيكون للمغصوب منه أن يضمن أيهما شاء في قولهم، من قبل أن هناك قبضين، تعلق الضمان فيه بكل واحد على حدة، وفي مسألتنا قبض واحد.
فإن قال قائل: هلاّ ضمنت المودع الأول بالتسليم، والثاني بالقبض.
قيل له: تسليمه إليه لا يوجب الضمان ما لم يقبض الثاني، فعلمنا أن الموجب للضمان هو قبض الثاني.