الحرب مما كان من حقوق الله تعالى، لم يؤاخذ به بعد الإسلام، فدل على أن من أتى ما يوجب الحد في دار الحرب، لا يقام عليه بعد خروجه إلى دار الإسلام.
وإذا ثبت ذلك، قلنا فيمن أتى ما يوجب عليه الحد في عسكر المسلمين، فإن كان هناك من تصح منه إقامة الحدود التي أقام الحد عليه؛ لأن يده ثابتة عليه في الموضع، ويمكنه إقامة الحد عليه، فلزم الحد.
وأما إذا لم يكن أمير الجيش ممن يقيم الحد في دار الإسلام، فلا يد له في دار الحرب، وصار بمنزلة من فعل ذلك في دار الحرب بحيث لا عسكر للإمام فيه، ثم خرج إلى دار الإسلام، فلا يقام عليه الحد.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث بريدة الذي قدمناه، يدل على ذلك أيضا، لأنه قال: "ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، فإن فعلوا ذلك، فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما عليهم".
فلم يجر عليهم أحكام المسلمين إلا بالهجرة من دار الحرب إلينا، فدل على أن أحكامنا غير جارية على أهل دار الحرب ومن كان فيها.
مسألة: حكم نكاح من سبيت أولا ثم سبي زوجها
قال أبو جعفر: (ومن سبي من النساء ولها زوج في دار الحرب، ثم سبي زوجها بعد ذلك: كانا على نكاحهما، ما لم يكن الإمام قسم الغنائم في دار الحرب، وما لم يكن أخرجها إلى دار الإسلام).
قال أحمد: وذلك لما بينا من أن الغنيمة لا تملك ولا يثبت فيها حق