اليمين، إذ ليس أخذها إلى الإمام قياسًا على التطوع، والمعنى الجامع بينهما: أنَّ كل واحد منهما ليس للإمام المطالبة بها، مع كون الصدقة قُربة، وعدم ما يمنع الدفع من القربة.
وإن شئت قستها على جواز الصدقة على المسلم، والمعنى فيه ما وصفنا.
فإن قيل: أفلا تجيز دفعها إلى الحربي، والمعنى فيه أنه كافر، كذلك الذمي.
قيل له: إن الصدقة على الحربي لا قربة فيها؛ لأن علينا قتله، وهو مباح الدم وإن كان مستأمنًا، إلا أنَّ إباحته مؤجلة بالأمان، كالدين المؤجل لا يمنع تأجيله من ثبوته، وكان شرط اعتلالنا في أهل الذمة: أنَّ الصدقة عليهم قُربة، وليست الكفارة مما يطالب بها الإمام.
فإن قيل: هذا الذي ذكرت إنما هو دفعٌ لإلزام من ألزمك الحربي على اعتلالك، فانفصلت منه بما ذكرت، فما الدليل على امتناع جواز قياسه على الحربي لعلة الكفر؟ وتكون هذه العلة معارضة لعلتك، مسقطة لها.
قيل له: أول ما في هذا، أنَّ هذه العلة التي انتزعتها، لم تقم عليها دلالة، ونحن فلا نقبل على إلا بقيام الدلالة عليها، وليس هذا موضع ذكر وصف الدلائل الموجبة لتصحيح العلل.
وأيضًا: فلو ساوت اعتلالنا، كان اعتلالنا أولى، لما عاضده من عموم الآية، وعلةٌ يعاضدها العموم أولى مما ينافيه العموم.
وأيضًا: فإن أقل أحوالهما إن تساوتا، أن يتعارضا وتسقطا، ويبقى لنا عموم الآية.