قال أحمد: الأصل في ذلك: أنَّ اليمين إذا تعلقت بالعين، تناولتها على أي صفة حصل الفعل، وإذا تعلقت بالصفة، كانت على الصفة المعتادة، فإذا قال: والله لا ألبس ثوبًا: فهذا على اللبس المعتاد، لأن الأيمان محمولة على المتعارف، وإذا قال: هذا الثوب: فعلى أي وجه حصل لبسه: حنث؛ لأن اليمين تعلقت بالعين، والعين قد حصل فيها اللبس على وجه.
وعلى هذا قالوا: فيمن حلف: لا يدخل دارًا: أنها على الدار المبنية، ولو قال: لا أدخل هذه الدار: كانت اليمين متعلقة بها ما دامت تسمى دارًا بحال، فلو انهدمت وصارت صحراء، فدخلها: حنث.
ألا ترى أنه لو قال: لا أكلم هذا الشاب، فكلَّمه بعد أن صار شيخًا: أنه يحنث، ولو قال: لا أكلم شابًا، فكلَّم شيخًا: لم يحنث وإن كنا قد علمنا أنه كان شابًا، فهذا يبين الفرق بين اليمين المعقودة على العين، وبينما إذا عقدت على غير عين.
مسألة: الحلف بعدم فعل شيء وهو متلبس به
قال أبو جعفر: (ومن حلف لا يلبس ثوبًا وهو لابسه، فإن أخذ في نزعه ساعة حلف، فنزعه: لم يحنث، وإن تراخى عن ذلك: حنث، وكذلك الركوب والسكنى).
وذلك لأن الدوام على الركوب يسمى ركوبًا، وكذلك الدوام على اللبس والسكنى، ألا ترى أنك تقول: ركبتُها يومًا إلى الليل، وسكنتُها يومًا إلى الليل، وكذلك اللبس.
ويدل عليه أنك تقول: دَعْني أسكنها يومًا آخر، وأركبها ساعة أخرى.
قال أحمد: وقال زفر: قد حنث في يمينه عقيبها؛ لأنه قد حصل