وكذلك حديث قيس رضي الله عنه: يحتمل أن يكون قبل النهي.
ولأن النهي أولى على ما بينا.
وأيضا: فإن من أصل أبي حنيفة رحمه الله في الخبرين المتضادين، أن الناس متى اتفقوا على استعمال أحدهما، واختلفوا في استعمال الآخر صار ما اتفقوا عليه قاضيا على ما اختلفوا فيه، عاما كان أو خاصا.
فلما اتفق السلف على استعمال خبر النهي في النفل المبتدأ، واختلفوا في استعمال إباحة النفل الذي هو سبب: كان ما اتفقوا عليه من النهي قاضيا على أخبار الإباحة إن كان مختلفا في استعمالها.
فإن قيل: فما وجه حديث أم سلمة رضي الله عنها؟
قيل له: يحتمل أن تكون الركعتان قد كانتا واجبتين على النبي صلى الله عليه وسلم من طريق الشرع، فكان هو مخصوصا بوجوبهما عليه، فكانتا مثل الفوائت، ويدل على ذلك أنه كره عليه الصلاة والسلام أن يراه الناس يصليهما، فيقتدوا به فيهما.
فإن قيل: لما جاز فعل الفوائت، وكان المعنى أيضا فيها أنها صلاة لها سبب، كان كذلك النوافل التي لها أسباب، مثل صلاة الطواف، وما أمر به من إتباع الإمام إذا لحقه في الصلاة.
قيل له: فالنفل المبتدأ له سبب، وهو أنه مندوب إليه مئاب على فعله.
وأيضا: فلو دخل مسجدا بعد العصر، يلزم على علتك أن تبيح له فعل الركعتين تحية المسجد، على ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم