لم يكن ذلك فعله، فلما انتفى الوجوب بالخبر، وانتفى الأداء بالآية، سقط قول من أوجبها:
وعلى أنه يحتاج أن تثبت الزكاة أولاً، ثم يجب الأداء، لأنه لا يجب أداء زكاة لم تجب على مالك.
وإن سئلنا على هذا زكاة الفطر؟ قلنا: العموم بنفيها، وخصصناها بدلالة.
ودليل آخر: وهو قول أبي بكر الصديق بحضرة الصحابة رضي الله عنهم، من غير نكير من أحد منهم عليه: "لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة".
وموج بالزكاة عليه دون الصلاة: مفرق بينهما.
فإن قيل: المكاتب عليه الصلاة، ولا زكاة عليه.
قيل له: فإذا كان من عليه الصلاة لا زكاة عليه، فمن لا صلاة عليه، أحرى بأن لا يكون عليه زكاة؛ إذ الصلاة أكد في باب اللزوم من الزكاة.
دليل آخر: وهو أن الزكاة عبادة محضة، لا يلزم أحدًا عن غيره، فأشبهت الحجج والصلاة والصوم، فمن حيث لم تلزم الصبي هذه العبادات، لم تلزمه الزكاة، للعلة المانعة من وجوب الصلاة ونظائرها، وهي الصغر.
فإن قيل: الزكاة مخالفة للصلاة؛ لأنها حق في المال، فيلزمه كالغصوب والنفقات.